الأحد 01 ديسمبر 2024

رواية في قبضة الاقدار (كاملة جميع الفصول) بقلم نورهان العشري

انت في الصفحة 44 من 67 صفحات

موقع أيام نيوز


مما جعلها تلتفت تناظره پصدمة تجلت في نبرتها حين قالت 
نعم !
صډمه حديثه بقدر ما صدمها فظل للحظه ساكنا يناظرها يحاول إستعادة رباطة جأشة بينما عيناه تطوف علي تقاسيمها فالحزن مازال يخيم علي ملامحها و مازالت عبراتها تلطخ خداها المتوردان بشكل شهي للغاية بينما عيناها يشتعل بهم شئ خاص مزيج من البراءه المفعمة بالشغف الذي لم يفلح الحزن في إخماده . يعلم بأن ما يشعر به خاطئ و ما يفعله خاطئ و وجوده معها في هذا المكان يناظرها بتلك الطريقة هو خطأ كبير و لكنه عاجز

عن إصلاحه . هذا ما يحدث دائما معها يعاقبها علي أخطاءه هو التي ليس لها بها أي ذنب و ينسي توبيخ نفسه و قلبه العاق الذي لا يعلم كيف يستعيده من بين براثن عيناها تلك.
سالم كلمني و قالي علي معادك مع الدكتور بكرة . اعملي حسابك عشان هوديكي . 
هكذا خرجت الكلمات فظة من بين شفتيه الغليظة بينما تجاوزها بصعوبة و كأن الخطوات البسيطة التي ستنتزعه من أمام عيناها ملغومة بنيران لا يعرف كيف يخمدها!
لم تكن تساعده إطلاقا فما أن تجاوزها و أوشك علي إستعادة أنفاسه أوقفته كلماتها الباردة
بس أنا مش عايزاك توديني في أي مكان . شكرا !
بدا و كأن قلبه يضخ نيران إلى أوردته و ليس دماء حين تابعت قائله 
أنا هستني لما فرح تيجي و أروح معاها. كفاية تعبك معايا لحد كدا 
ابتلع جمرات أن أطلقها ستحرقها و فضل أن ېحترق هو تلك المرة لذا قال بإختصار 
أنا مخدتش رأيك. و دا مش عشانك دا عشان إبن اخويا . و اعملي حسابك الساعه اتنين بالدقيقه تكوني جاهزة عشان نتحرك 
ألقي كلماته دون أن ينظر إليها و تابع طريقه يريد الفرار من ذلك الهواء الذي يحمل رائحتها و يمتلئ بحضورها الطاغي يريد جمع أوراقه و إعاده ترتيبها للوصول إلي حل لمعضلته .
ذلك الصباح لم يكن كأي صباح مر عليه . بل كان الأكثر صفاء برغم تلبد أجواءه أمس و حيرته و ضجيح أفكاره التي لم تهدأ حتي خيوط الفجر الأولي و لكنه يشعر الأن بأنه يقف علي أرض صلبه أمام نفسه فقد اختار أن يعطيها و يعطي نفسه فرصة و لم تأتي هذا الفرصة جزافا أو نتيجة شهامته في إنقاذها كما أدعى و لكنها كانت نابعة من اقتناع قوي بأن تلك المرأة لا يمكن أن تعوض أبدا.
فحين انتزعت نفسها من بين براثنه كنمرة غاضبة عزم علي معرفة كل شئ حدث بالماضي ليرضي ذلك الشعور المقيت بالغيرة الذي تولد حين رآها تقف مع ذلك الرجل و ما أن خرج للحديقة يريد أستنشاق هواء نظيف عله يهدئ من نيرانه قليلا حتي تجمد حين سمع حديثها مع ذلك البغيض و الذي أطاح بكل توقعاته عن ضعفها أمام عشقه مرة أخري !
أحړقته تلك المرأة بكبرياءها و عنفوانها و شموخها . تولد بداخله شعور عميق بإنتمائها له . أيقن في تلك اللحظة بأنها لا تليق إلا به لم تخلق الا له فهي كالجواهر النفيسه التي يكافئ بها القادة العظام و هو سيدهم! و أكثر من يحب إقتناء الأشياء الثمينة و خاصة إن كان لبريقها وقع خاص علي قلبه الذي يرفض مواجهته حتي يتأكد من أن ما يشعر به تجاهها له صداه بقلبها أيضا.
فكبرياؤه يأبي إعلان هزيمته العذبة
أمام عيناها إن لم تعلنها هي أولا . و سيتأكد من حدوث ذلك في القريب العاجل . فهو لن يضمن أن تطول مقاومته أمامها كثيرا لهذا قرر إستخدام كل أسلحته و سيهاجم حصونها بكل ضراوة دون أن يعطي لها الفرصة للفرار أو حتي المقاومة ..
أخيرا توقف أمامها يناظرها بحنق فاعطته إبتسامة فريدة لم يرها مسبقا و لكن كان هناك شئ في عيناها يناقض إبتسامتها و لكنه تجاهل ذلك و قال بفظاظة
مستنتنيش ليه ننزل سوي 
فرح بهدوء و هي تضع قدح القهوة علي الطاولة
أمامها 
أنا متعودة إني بصحي لوحدي أشرب قهوتي في هدوء عشان أعرف ابدأ يومي صح 
بس أنا شايفك بدأتي تغيري حاجات كتير كنتي متعودة عليها اشمعنا دي 
رفعت إحدي حاجبيها الجميلين و قالت مدعية عدم الفهم 
تقصد إيه 
كانت تلعب علي أوتار جموده و بروده اللا متناهي و لكنها لم تتوقع ڠضبة و لا قسوته حين قال بلهجه فجة 
لبسك إلى مبين أكتر من الى مداريه. تقريبا مش من عادتك و لا إيه 
تصاعدت أدخنة الڠضب إلى رأسها فخرج صوتها عال نسبيا حين قالت 
أنت إزاي تتجرأ ..
بتر جملتها حديثه الصارم و تهديده الواضح حين قال بخشونة 
أنا اجروء أعمل كل إلى تتخيليه و إلى مش تتخيلي! و ممكن كمان أكسر دماغك لو فكرتي تعملي حركة زي دي تاني 
وقاحته في ټهديدها جعلتها تعجز عن الحديث لذا آثرت الإنسحاب و هي تقول پغضب كاد أن يبكيها 
الحق مش عليك الحق علي إلى سمحتلك تتمادى معاها بالشكل دا!
كادت أن تهب من مكانها و لكن إمتدت قبضته الفولاذية تمسك بمعصمها لتجعل من انسحابها أمرا مستحيل .
كانت تجاهد علي منع دموع الڠضب من الفرار حتي لا تجعله يشعر بالإنتصار عليها فأدارت رأسها للجهة الأخري و هي تقول من بين أنفاسها 
سيب أيدي !
بصيلي 
قولتلك سيب أيدي عايزة أمشي 
و أنا قولتلك بصيلي 
قال جملته بلهجه رقيقه و لكن آمرة وعندما لم تمتثل لأوامره إمتدت يده الأخري تقوم
بفتح كفها المعټقل بين يديه و أخذ يمرر إصبعه فوق عروق يدها بلطف و بطئ و هو يقول قاصدا إستفزازها 
علي العموم أنا مرتاح كدا . براحتك خليكي باصة الناحيه التانيه 
ما أن تفوه بجملته حتي إلتفتت تناظره پغضب كبير بينما زوبعة من المشاعر اجتاحتها جراء لمساته لكفها و ما أن شاهدها تلتفت إليه حتي ترك يدها و قال بتسلية 
حلو . بقيتي تسمعي الكلام أهو
كانت عيناه تحوي نظرات أربكتها نظرات خالية من التسلية و قد أتاها هاجس استنكرته بشدة و لكنه كان فرصتها الوحيدة للنيل منه فقالت بهدوء يناقض ڠضبها المشتعل بمقلتيها مما أثار إندهاشه
إيه إلي مضايقك أوي كدا في لبسي 
تصنع الجمود و هو يقول بإختصار
مش مناسب 
لمين 
ليكي !
أنا أدري بالي يناسبني !
توقفت عن الحديث متعمدة و إرتسمت علامات الدهشه و غلف المكر عيناها و هي تقول بإستنكار
متقوليش إنك بتغير عليا !
لامس استفهامها حواف قلبه و اضطربت دقاته بشكل لم يعهده فلأول مرة يكن شفافا أمامها بتلك الطريقه و لكنه حاول إستدراك الموقف و إبراز الحقيقة منقوصه فتمتم بالمبالاة
و ليه لا 
و ليه آه
اسند ظهره للخلف و هو يبتسم قائلا بتهكم
رجعنا نلعب تاني 
مش لعب بس فاجئتني. بتغير عليا. مش قادرة ابلعها بصراحه
استمرت سيمفونية بروده المعتاد حين قال بخشونة
علي حسب دوافع الغيرة دي من وجهة نظرك!
فرح بتخابث
الغيرة ملهاش غير دافع واحد و أنا متأكدة انة مش موجود
إلي هو 
أجابها بإختصار لتقول بتمهل و كأنها ترسم الكلمه علي 
الحب ! 
كانت للكلمة وقع خاص علي قلبه مما جعل نبضاته تتعثر بداخله و لمع وميض خاطف بعيناه سرعان ما محاه ليحل محله التهكم بينما تابع بفظاظة
غلطانه ! أي راجل بيغير علي البت إلى مفروض هتبقي مراته حتي لو مش بيحبها
خرجت الكلمات غاضبة من بين 
و لما هو مابيحبهاش هيتجوزها ليه 
في مليون سبب يخلوا الواحد يتجوز غير الحب 
بس المليون سبب دول ملهمش لازمة مدام الحب مش موجود
قالتها بخيبة بدت جلية في عيناها و لكنه غير قابل للإنحناء أبدا لذا قال بفظاظة
دا كلام مراهقين ميقولوش حد ناضج زيك 
تابعت بسخرية مريرة 
عندك حق . الحب كلام مراهقين فعلا !
سالم بتقريع خفي 
و إلى أنتي بتعمليه دا بردو حركات عيال صغيرة 
فرح بإنفعال
إيه
إلي أنت بتقوله دا 
سالم بصرامة
أنا خدت قراري و هنفذه! كل الحركات الهبلة دي مش هتخليني أغير رأيي بس هتزعلنا من بعض . 
تحدثت معانده
تمام أبقي نفذ قراراتك لوحدك 
حدجها بنظرة محذرة قبل أن يقول 
بطلي جنان عشان مش هتقدري تتحملي توابعه !
فرح بإندهاش
كمان بتهددني 
سالم بإختصار
بحذرك و دي تفرق 
تفرق بالنسبالك . بالنسبالي النتيجة واحدة 
إلي هي 
لم تقدر علي الصمت أكثر فبصقت الكلمات من فمها بكل ما تحمل من ڠضب مستعر جراء وقاحته 
أنك إنسان متكبر و مغرور و متسلط و مبتشوفش غير نفسك و بس. عايز كل الناس تسمع كلامك و بس. تنفذ أوامرك و بس. من غير أي إعتبار لمشاعرهم و لا رغباتهم أقولك أنت فعلا ديكتاتور زي ما جنة مسمياك
بغض النظر عن وقاحة أسلوبك بس أنتي عندك حق. و جنة كمان عندها حق
تجمدت نظراتها پصدمة سرعان ما تبخرت ليحل محلها ڠضب عارم حين اقترب يستند بمرفقيه علي الطاولة أمامها و عيناه تحدجها بنظرات قوية محذرة ثم قال بعنجهية اغضبتها
أنا فعلا ديكتاتور. و مبنفذش غير إلى أنا عايزه . و دا يعرفك أن كل الهبل إلى بتعمليه دا مش هيغير قراري. يبقي بلاش توجعي دماغك و دماغي 
لم يمهلها وقت للرد فقد إلتقمت عيناه تلك السترة التي وجدها علي
المقعد بجانبها فارتاح قليلا كونها لن تخرج بهذا الشكل الذي يثير جنونه لذا قال بفظاظة
البسي عشان هننزل نشتري شويه حاجات !
نعم 
مضطرين لدا . أنتي علي الاقل . في فرح الليله حد من معارفي و بما إني هنا فلازم أحضر و أنتي هتكوني معايا .
انهي جملته ثم حدجها بنظرة متسلطه و هو يقول 
علي إنك خطيبتي طبعا 
هنا لمع المكر بعيناها و قررت أن تنحي الحديث جانبا و لتهزمه بأفعال ستري إن كان سيتحملها أم لا لذا قالت بهدوء أثار الريبة بداخله 
تمام يالا بينا 
كانت حلا تجلس في تلك الحديقة بمزاج سودوي فقد كانت الليلة الفائته من أصعب الليالي التي مرت عليها
بحياتها فصڤعة شقيقها انطبعت بقلبها و ليس خدها و مازال ألمها عالق للآن بمخيلتها و قد تجلي ذلك بمظهرها المشعث و عيناها التي تظللها هالات سوداء تماما كالتي تحيط بقلب تلك التي تجلس أمامها قائله بتأثر زائف 
صعبان عليا شكلك أوي يا حلا ! القلم لسه معلم علي خدك 
رفعت حلا رأسها تطالعها پغضب اخفته خلف نبره مستفهمه و هي تقول 
قلم ايه الي لسه معلم علي خدي انتي بتخرفي و
لا ايه 
سما بتخابث
القلم الي سليم اداهولك امبارح يا حلا . كلنا سمعنا صوته . و بعدين انتي مشوفتيش وشك في المراية قبل ما تخرجي و لا إيه 
حلا بحزن انهمر من عيناها علي هيئة قطرات أغرقت وجنتيها فتابعت سما الضړب علي اوتار كبرياءها المهزوم 
بصراحة متوقعتش كل دا يحصل . يعني مش كفايه طنط أمينة الي دافعت عنها قدامنا كلنا كمان سليم يضربك عشانها و قبل كدا أبية سالم بردو زعقلك قدامنها بسببها . فاضل مين تاني مبهدلكيش بسببها
ازداد الڠضب بداخلها
 

43  44  45 

انت في الصفحة 44 من 67 صفحات