رواية "احفاد الچارحي" الجزء الخامس من الفصل الأول حتي الثالث
فما مر على معرفتها لحملها سوى أسبوعا واحدا حتى بدأت أعراض الحمل تسيطر عليها بشراسة فمنذ الصباح ويهاجمها دوار وصداع استهدف رأسها فظلت طريحة الفراش منذ الصباح استمعت لطرقات باب الغرفة فخرج صوتها شاحب كحال وجهها الأصفر
_ادخل..
ولجت آية للداخل بابتسامتها الرقيقة ثم اقتربت من الفراش وهي تسألها بلهفة
اتكأت بمعصمها على الفراش ثم حاولت الاستقامة بجلستها وهي تجيبها بإعياء شديد
_من امبارح مش عارفة أنام من التعب ومش قادرة ارفع دماغي..
جذبت آية كوب العصير عن الطاولة التي تضم طعام الافطار كاملا
_عشان مبتكليش كويس.. اشربي العصير ده وأنا كلمت عمر عشان نروح للدكتور ونطمن وزمانه على وصول .
_حاضر هشربه.
خرجت احدى الخادمات من حمام الغرفة ثم اقتربت لتخبر نور
_الحمام جاهز يا هانم.
أومأت برأسها فغادرت الاخيرة بينما تساءلت آية وهي تبحث عن الصغيرة بدهشة
_أمال فين حلا
أجابتها نور وهي تفرك رأسها بۏجع
_لسه نايمة.
_خلاص قومي خدي حمامك واجهزي وأنا كمان هروح البس عشان أول ما عمر يوصل هنتحرك بإذن الله..
جذبت نور المنشفة ثم اتجهت للحمام بتعب شديد فوجدت الخادمة قد ملأت البانيو بالمياه الدافئة ومغسولها المفضل خلعت مئزرها ثم استرخت بالمياه وهي تحاول انعاش جسدها الهزيل وما ان انتهت من حمامها البطيء حتى اتجهت للخزانة في محاولة للاستعداد شعرت نور باختلالها وعدم قدرتها على الوقوف لذا تركت الفستان الذي بيدها واتجهت للفراش وما أن تمددت على الوسادة حتى غفاها النوم بعد ليلة قاسېة مرت نصف ساعة ومازالت تغفو بعمق إلى أن شعرت بابنتها تحرك يدها وهي تمتم بكلمات غير واضحة سحبت نور يدها وهي تردد بإنزعاج
انكمشت تعابير الصغيرة بحزن واخذت تعبث بما تتلاقفه يدها وسرعان ما تحول حزنها الطفولي لفرح وهي تلعب بأغراض نور مرت الدقائق ومازالت الصغيرة تستكشف كل إنشن بالغرفة حتى تسللت لحمام الغرفة استندت على الحائط
وهي تخطو خطوات غير منتظمة حتى وصلت للبانيو الذي يملأه المياه راقبت الطريق من خلفها لعلمها بأن والدتها لن تسمح لها بالتواجد بذلك المكان وحينما لم تجدها خلفها مثلما كانت تفعل جذبت الورود التي تملأ المزهرية الموضوعة جانبا ثم وضعتها بالمياه وهي تلهو بمرح ومن ثم وضعت ألعابها لعبة تلو الأخرى وكلما طفت على سطح المياه كانت تضحك بطفولية احتلها انزعاج غفير لحظة غوص احدى ألعابها فحاولت جاهدة الحصول عليها وحينما فشلت بالامساك بها لعمق البانيو جذبت أحد المقاعد ثم صعدت فوق سطحه واخفضت ذراعها بالكامل حتى غلبتها رأسها وسقطت من خلفه فاختفى جسدها الصغير بداخل البانيو تحركت ساقيها وذراعيها بانفعال وهي تحاول التقاط أنفاسها سلبت منها روحها ومازالت تحاول وتعافر حتى توفت غرقا واستسلمت لمۏت محتوم لم تشعر به من ازهقها تعب حملها وغفت كمن ارتشفت مخدر قوي جعلها لا تستوعب ما يحدث من حولها فايقظها صوت هاتفها بعد ساعة كاملة من النوم تحسست نور الوسادة والكومود باحثا عن الهاتف وفتحت عينيها بارهاق وهي تتفحص المتصل رفعت الهاتف على أذنيها وهي تجيب بنوم
اتاها صوته المتلهف
_طمنيني عليكي لسه تعبانه
قالت بنعاس يغلبها
_أيوه بس مش هروح غير بليل مصدقت أعرف أنام.
اجابها بحب
_خلاص يا حبيبتي لما تفوقي ابقى رنيلي.
وقبل أن تغلق الهاتف تساءل سريعا
_حلا صحيت من النوم
صحيت من شوية.
_خليني أكلمها كانت نايمة الصبح وانا نازل..
_حلا.. حبيبتي تعالي كلمي بابي.
وحينما لم تجبيها رفعت صوتها مجددا تناديها
_يا حلا..
قال عمر بدهشة
_يمكن نزلت تحت..
نهضت نور عن الفراش وهي تجيبه
_لا الباب مقفول.
واسرعت لغرفة ابنتها وهي تناديها
_يا حلا انتي فين
أي ردا سيأتيها وقد فارقت ابنتها الحياة تاركت من خلفها ألعابها التي تطفو لجوار جثمانها فوق سطح المياه!
تعلقت عين نور بباب الحمام لثوان وهي تحاول الا تستوعب ما يمليه عليها قلبها وعقلها وما قيد حركتها نسيانها أن تسرب المياه بعد حمامها اتجهت بخطوات ثقيلة للمرحاض والهاتف مازال معلق على أذنيها حتى باتت تقف بالقرب من ابنتها رمشت بعينيها عدة مرات وهي تحاول استيعاب ما تراه وفجأة انطلق صوتها پصرخة هزت أرجاء القصر بأكمله
_حلا... بنتي!!!!
أفاقت من ذكرى يومها المؤلم سريعا فاختنق تنفسها وكأنها هي من ټصارع الموجات مازالت تتذكر الليالي المؤلمة التي قضتها بعد ۏفاة ابنتها الاولى حتى رزقها الله بابنتها الثانية فمنحها عمر نفس الاسم حلا وهي الآن حامل بابن يضم ثمار حبهما للمرة الثالثة نعم قست عليه بكلماتها وهو الوحيد الذي ساندها واخبرها مرارا بأنها مشيئة الله عز وجل ليس بيدها شيئا وهي الآن تقسو عليه نهضتنور عن الفراش ثم اتجهت للغرفة الملتصة بغرفتها ففتحت الباب الجانبي وهي تبحث عنه وجدته مازال مستيقظا ويبدو عليه الحزن الشديد انتبه لوقوفها على باب الغرفة فاجلت احبالها المنقطعة وهي تهمس پبكاء
_أنا آسفة يا عمر.
وجد عينيها قد تورمتان من فرط بكائها فنهض من جوار ابنته ثم وضع الوسادة ليحميها من السقوط أرضا وأسرع إليها.. ضمھا اليه وهو يربت على ظهرها ويهمس لها بحنان
_قولتلك اني مزعلتش منك أنا زعلان عليكي يا نور.
بصوت متحشرج من فرط البكاء قالت وكأنها لم تسمع لما قال
_انا في اليوم ده نمت من تعبي ومحستش بيها وهي داخلة الحمام.
ابعدها عنه وهو يعاتبها
_عشان خاطري انسي.. بطلي تفكري في اليوم ده.. ربنا عوضنا بحلا وبابننا اللي في بطنك.. انتي ممكن تأذيه باللي بتعمليه في نفسك هتقدري تتحملي ذنبه يا نور
رددت بارتباك وهلع
_لا.. لا.. ابني مش هيجراله حاجة.
واحتضنت بطنها بحالة من التوتر فلعب عمر على أوتار خۏفها الذي سيعاونه بما يريد
_يبقى تبطلي تفكري في اللي فات.
هزت رأسها ثم قالت بتعب وهي تشير على فراش الصغيرة
_هنام جنبها.
منحها ابتسامة هادئة وهو يدنو من الفراش
_معديش مانع تشاركينا في نومتنا.
ضحكت على مزحه رغم ما تعرضوا له معا ومن ثم حملها للفراش ليستقر ثلاثتهم فوقه.. وأخيرا تخطت اوجاعها وضمت صغيرتها اليها علها تبرد أوجاع قلبها..
صعد متغندغا لغرفته فما أن فتح بابها حتى صړخ ألما حينما تلقف وجهه شظايا أحد المزهريات فحارب التشوش الذي يعتليه وهو يحاول التقاط المشهد كاملا فوجد الغرفة تحيطها فوضى عارمة وبقايا زجاج منكسر وابنه ينطلق كالصاروخ الجوي يدمر أي شيء بطريقه بحث حازم بعينيه عن زوجته فوجدها تنكمش على احد المقاعد وتحتضن بطنها المنتفخ خشية على جنينها من شراسة هذا الولد الذي فشل هو بتهذيبه اولا رأه حازم يمر من جواره فجذبه من قبعة البيجامة وهي يصيح به بتحد
_جرى أيه يالا هو محدش عارف يلمك ولا أيه... حد قالك اننا جايبن هولاكو على وش الدنيا ولا قالولك انك حفيد امتياب باتشان.
أبعد خالد يد أبيه عنه وهو يشير له بحزم
_هتبهدل هدومي.. سبني بدل ما اتصل بجدو يطلعلك.
رفع حاجبيه بسخط قاټل
_أنت بتهددني يا حشرة... ده انا برشة بيرسول أقعدك تحت السرير يلا... فوق يابا أحنا خربينو على قديمو.
هز الصغير رأسه بتحد
_كده طيب.
وتركه وغادر من الغرفة بأكملها فاتجه حازم للركن المنزوي بعيدا وبالاخص أمام نسرين ثم قال ساخرا
_انتي خاېفة من الواد من دلوقتي أمال لما يطول وشنبه يخط في وشه هتعملي أيه
منحته نظرة ساخطة احاطته من رأسه لاخمص قدميه واتبعها قولها المستهزأ
_انا ربنا بيحبني ومصمم يزيد بحبه بعدد من الابتلاءات أخرهم اللي في بطني الله اعلم جيناته هتوصله هو كمان لأيه!!
ورفعت يدها لسقف الغرفة وهي تردد بضيق
_حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا حازم.. كان يوم اسود يوم ما شوفت خلقتك انت وابنك.
قوس حاجبيه پغضب
_بتدعي عليا يا ولية.. بعد كل الحب اللي حبتهولك والطفح اللي حولتهولك.. يلا هقولك أيه عمل ربنا فيكي كفايا وآآ..
بترت كلماته حينما شعر بنغزة استهدفت كتفيه فاستدار للخلف فوجد ابنه يحمل عدد من الشوك القاسېة التي تستهدف اللوحة المعلقة من خلف الباب فقرر استهدافه هو بدلا عنها استوعب حازم ما يحدث هنا وفجأة هرول مسرعا تجاه المقعد الذي يحمل نسرين فسقط بهما معا للخلف حتى باتت قدميه عرضة لمن يستهدفه بالسهام وكلما تمسه أحد الأشواك صړخ پجنون الى ان توقف الصغير وهرع للخارج ليبحث عن بقية الاشواك أسرع حازم بقدم ملوحة وخطوات متعثرة وحينما سقط أرضا استخدم ذراعيه وقدميه حتى وصل لباب الغرفة فاوصده من الداخل وجلس من خلفه ليحرص الا ينجح هذا الۏحش الصغير بفتحه مجددا فرفع قدميه وانتزع عنها الاشواك والاخيرة تراقبه پشماتة اتجهت للفراش وجلست على حافته والابتسامة تعلو ثغرها منحها حازم نظرة ڼارية اتبعها قوله المتعصب
_رجعي اللي في بطنك ده مش عايزه أنا اتربيت تربية تكفيني سنيني الجاية.. الله يكرمك كفايا عليا أبو فقوس اللي انتي جايبهولي ده.
جذبت نسرين الوسادة وأحد الاغطية ثم قذفتها بوجهه وهو تخبره بصرامة
_انت صح عشان كده طول ما انا على ذمتك قضي ليلك ورا الباب أضمنلك.
منحها نظرة حاړقة ثم جذب الوسادة وتمدد خلف الباب وهو يراقب پخوف ما سيفعله الصغير بعد.
أغلق عدي الملف من أمامه ثم نهض واتجه للداخل فوجد سيارة يحيى تدنو من بوابة القصر
الداخلية اتجه إليه ثم وقف قبالة باب السائق ليسأله بغموض
_كنت معاه صح
ابتسم يحيى وهو يجيبه
_أيوه طلب انه يشوفني انا وياسين بس نام واحنا في الطريق.
واتجه يحيى للخلف ليحمل الصغير فحمله عنه عدي وهو يخبره باحترام
_بلاش تتعب حضرتك أنا هشيله.
قبل يد الصغير التي تتدلى من خلف كتف عدي وهو يهمس له
_تصبح على خير يا حبيبي
الټفت به عدي للخلف وهو يجيبه بدلا عن ابنه النائم
_وانت من أهله يا عمي.
وتركه ودخل المصعد حتى وصل للطابق الثالث فقصد غرفة أولاده ومن ثم وضعه على فراشه ثم جذب الغطاء ليداثره جيدا تعلقت نظرات عدي به والابتسامة تزين شفتيه فعبث بأصابعه بين خصلات شعره البني الذي يحمل نفس لون أبيه ثم انحنى ليطبع قبلة صغيرة على جبينه وهو يهمس بسخرية
_حتى وأنت نايم شبهه!
نهض عن فراشه واتجه لسرير ابنته البعيد عن الركن الخاص بابنه فوجدها تحتضن دميتها وهي نائمة ابتسم وهو يقبل جبهتها ثم قال بحب
_تصبحي على خير يا أجمل وأعز شيء بمتلكه في حياتي.
وداثرها بالغطاء جيدا ثم أطفئ الضوء واتجه لغرفته..
كان يعلم بأنها تتدعي النوم ومع ذلك ابدل ثيابه واتجه للفراش بمكر تام تمدد عدي لجوارها وهو يراقب انفعالات وجهها وخاصة رمشت عينيها التي تحاول التقاط أي صورة توضيحية لما يفعله الآن فوضع يده يستند على جبهته وهو يدعي غفلته السريعة هو الآخر فتحت رحمة عينها أخيرا فالتقطت انفاسها بصورة طبيعية حينما رأت النوم قد غلبه وفجأة شحب