الأربعاء 27 نوفمبر 2024

رواية رياح الألم ونسمات الحب بقلم سهام صادق

انت في الصفحة 51 من 51 صفحات

موقع أيام نيوز

أمال بتنهد وهي تدعوا الله بأن يتحقق ما أخبرها به هشام حتي أقتربت منها نيرة بطفلها الرضيع الذي لا يتعدي الخمسة اشهر وربطت علي كتف عمتها قائله ان شاء الله خير ياعمتي وحسام هيوفي بوعده ثم صمتت قليلا حتي قالت حد كان يصدق ان محمود هو اللي يطلع خاطف هنا وكل ده ليه عشان ينتقم من فارس وبابا لاء وكمان يقول انه هو اللي بيحبها وأحق بيها من اي حد 
غير انه طول المده ديه بيضحك علينا ويقول لو احتاجتوا حاجه هتلاقوني معاكم انا خاېفه علي فارس من المفاجأه 
فنظرت اليها أمال بتوتر بعدما لمعت عيناها اخيرا هشوف ابن فارس هنا سمته مراد علي اسم مراد اخويا ثم ابتسمت وهي تنظر الي الطفل الذي تحمله نيره وبقي عندنا في العيله فارس ومراد واحمد 
لتنظر نيره الي طفلها الذي يشبه زوجها تماما فتتذكر رحلة مرضها وعلاجها لتقول بأبتسامه انا لحد دلوقتي مشوفتش هنا غير في الصور وبس 
فتنهض امال وتمسك الجريده متأمله أسم ابن أخيها اللامع قائلة بسعاده يارب النهارده يبقي الفرح في قلبك فرحتين يافارس 
كانت الأنوار تضاء من حوله كي تعلن عن نجاحه بذلك المشروع الذي كلفه عناء عامين ليأتي طيفها امامه حتي تفر دمعة لم يلمحها أحدا من هؤلاء الصحفين الذين يتدفقون حوله بعد ان ترجل من أحد السيارات ومعه ذلك الشريك الانجليزي 
فأقترب منه هشام بعدما استشعر بحزنه قائلا المفروض النهارده تكون فرحان بنجاحك يافارس شايف العالم كله مش مصدق المشروع اللي انت عاملته وصممته في لندن مشروع الهنا يااا ده كان حلمك من سنين
وكأنه قد وضع بالملح علي جرحه فنظر اليه فارس بشرود وهو يسير في ذلك الممر المؤدي الي تلك المنصه كي يلقي كلمته وكيف انجز ذلك المشروع في عامين 
ليخفض هشام بوجهه أرضا وهو يقول متأسفا انا أسف ياصاحبي انا بحاول انسيك كل اللي حصل بس للأسف بزود حزنك وهمك 
فيربت فارس علي كتف هشام مبتسما قائلا بحب عارف ياهشام عشان كده ولا يهمك 
وتابع سيره الي ان وصل لذلك الحلم الذي تمني دوما بأن يحققه وعندما بدء يصعد درجة درجه من درجات ذلك السلم كي يقف علي تلك المنصه امام هؤلاء الحضور الذين حضروا كي يهنئونه علي أفتتاح اضخم المشروعات التي تحققت في ذلك الوقت فبدء يتذكر كل لحظاته معها لحظة زواجهم وبكائها بين يديه وعندما اخبرته بحملها الي ان وصل لتلك اللحظه التي لم يكن يعلم ان الوداع فيها سيطول حتي وصل لاعلي المنصه ووقف أمام ذلك الميكروفون والمصورون من حوله يلتقطون له عدة صور فتذكر اپشع كلمة قد سمعها وهو شارد في حنينه مراتك محدش يعرف حاجه عنها يابشمهندس يمكن تكون هربت مع حد غواها واستنيت فرصة سفرك وكل ده كان تدبير منهم هما الاتنين 
ليأتي علي مسمعه أيضا تلك الصرخه التي اصدرها في هؤلاء الرجال الذين فشلوا في العصور عليها 
حتي بدء يسمع صوته وهو يلقي بخطابه بعد ان فاق من حنينه الجارف اليها 
اما هي وقفت طفلهما الذي يشبهه حقا اليها بحنان وهي تغالب دموعها هنروح لبابا خلاص يامراد أكيد نفسك تشوفه زي ما انا كمان نفسي اشوفه النهارده هو بيحتفل بنجاحه تفتكر هيكون لسا فاكرنا 
فتقدم حسام نحوها بعد ان سمحوا له هؤلاء الرجال الذين يقفون أمام قاعة المؤتمرات فأبتسم وهو يطمئنها يلا
ياهنا اكيد فارس هيفرح لما يشوفك وسامحيني ياهنا عشان فضلت ساكت من زمان ومعرفتش أساعدك 
فتذكرت المعاناه التي تعرضوا لها كي يستطيعون الخروج من ذلك القصر الذي يضم اكبر عدد من الرجال ولولا مساعدة حسام وروز واستغلالهم رحلة سفر محمود لامريكا لكانت ظلت سجينة لديه طيلت العمر هي وابنها 
فسارت خلف حسام بخطي بطيئه حتي وقفت عند سماع صوته الذي ذلذل بكيانها وذكرها بكل ما مضي فرفعت عيناها لأعلي كي تتأمل كل جزء فيه 
بكده أنا قدرت اوصل ليكم فكرة المشروع اللي تعبت فيها سنتين كاملين وانا متفرغ لحلم عمري فأخفض فارس رأسه للحظات قبل ان يرفعها قائلا دلوقتي انتوا عايزين تعرفوا أزاي انا قدرت اصمم المشروع ده بأتقان واعمل اكبر قريه سياحيه في الريف الانجليزي ويكون الاسم المصري هو اساس تصميمها ده طبعا بمساعدة صديقي جون اما السؤال التاني انتوا سألته ليه اسم مشروع المنتجع اطلقت عليه اسم الهنا فأحدث الصحفين بعض المناقشات العاليه حتي صمتوا عندما بدء هو يتحدث ثانية ولكن هذه المره بالعربيه
الظروف ساعات بتخلق مننا أشخاص تانين والكسره اللي ساعات بتقويك مش عشان قلوبنا بقيت حجر بس عشان نسكن الالم اللي جوانا ونقدر نكمل حياتنا واحنا عايشين زي الالات المتحركه وبس لكن للأسف مبيكونش ده أحيانا أختيارنا ثم أخفض برأسه وهو يتحدث ثانيه اسم المشروع الهنا ده علي اسم زوجتي اللي افتقدتها أكتر من عاما ونصف زوجتي وابني او بنتي اللي معرفش عنهم حاجه انا بهدي ليها المشروع ده حتي لو بأني احط اسمها عليه كنت اتمني في اللحظه ديه تبقي هي اول واحده واقفه جنبي ومعايا اول واحده أسمع منها كلمة مبرووك 
كلكم قولتولي الكلمه ديه بس منها هي كانت هتكفيني 
ليبدء الحضور في التصفيق حتي يرفع هو صوته قائلا اصنعوا القوه من نفسكم ديما بس خلوا ديما عندكم ثقه في العداله الالهيه لان الفرح او الحزن شئ مقدر لينا اما حسن الظن في عدل الخالق ده اختيارنا 
أسف اني طولت عليكم وعارف ان في بعضكم مش هيفهمني عشان انا قررت في اخر خطابي اتكلم بالعربيه وبشكركم جميعا علي تلبية الدعوه 
وينتهي من كلماته حتي يجد كل هذا الحشد يجتمع حوله فيرسم ابتسامة علي ويأتي هشام وهو يهنئه قائلا اكيد هتلاقيها في يوم ياصاحبي 
لتتحرك هي بقدميها نحوه ودموعها تهطل من كلماته فللحظات قد ظنت انه قد نساها وللحظات اخري ظنت بأنه يحتاجها وينده عليها كما هي تحتاجه وللحظات ظنت بأنها ستظل أسيره لذلك الرجل الذي حرمها من حياتها 
حتي وقفت وهي تمسح دموعها التي رفضت
ان تتوقف وبصوت ضعيف فارس 
لتقول هي ثانية فارس
فألتف باحثا حوله وسط هؤلاء الصحفين والاعلامين 
حتي نطقتها بصوت اقوي متقطع يتخلله دموعها فارس 
ويبتعد عنهم جميعا ويظل يجول في انحاء المكان بقلبه قبل بصره ويقف عند تلك اللحظه 
لحظه قد استكان فيها القلب وهدأت فيها عاصفة الفراق وأعلن فيها القدر وقت العوده من جديد فتسير الذكريات بقوتها نحو تلك الفتره الطويله من ألم وفراق فيسير نحوها حتي مد بأيديه المرتعشه وهو يقول انتي حقيقه ياهنا مش حلم هصحي منه 
فأتبعه هشام من الخلف حتي سقطت دموعه وهو يتأمل صديق عمره ونظر الي حسام الذي يقف بعيدا ليشكره بنظرات أعينه بأمتنان علي ذلك الوعد الذي نفذه 
فأقترب فارس منها اكثر وهو يتأمل ذلك الطفل الذي يتعدي عمره السنة والنصف قائلا بشوق ده ابني ياهنا صح 
فترفع هنا بوجهها من بين قائله مراد فارس مراد القاضي 
أكثر 
اللي كان ناقصني انتي طفلتي 
فاغمضت عيناها وهي تتذكر صڤعات وضړب محمود لها عندما كان يراها تنده بأسمه او تمسك تلك الجريده التي ألقها عليها يوما كي يخدعها بخبر ۏفاته قائلة بصوت يكاد أن يخرج انا عايزه ارجع مصر يافارس عايزه امشي من هنا ارجوك 
فتأمل نبرة صوتها پألم وهو يراها تنطق حروف الكلمات بعجز فعلم أن ماعانته كان كفيلا بأن يجعلها هكذا فنظر اليها طويلا وكأنه يريد ان يعلم كل ماحدث 
لتخفض رأسها بأسي وهي تعيد شريط ذكرياتها 
علم بكل ماحدث ظل عقله يأتي له بصورتها عندما رئه الي طفله بشوق فوقف حسام خلفه بعد أن وضع بيده علي تلك الكدمه التي في وجهه 
حسام صدقني اللي عملته ده يامحمود في صالحك انت هتفضل لحد أمتا عايش في وهم الاڼتقام انت من أمتا كنت بتفكر في امك اللي هي عمتي ولا أمتا كنت بتفكر في والدك مش دايما كنت شايفه أناني 
فألتف اليه محمود بوجه جامد حتي قال حسام عيبك يامحمود حاجه واحده من يوم ما كنا اطفال ديما مبتحبش حد يكون سعيد في حياته وانت لاء يعني لما حد فينا كان بيبقي معاه لعبه كان لازم يبقي معاك اللعبه ديه حتي لو مكنتش هوايتك بس المهم تجرب فرحة غيرك بالحاجه اللي في أيده مع ان الطبيعي ان كل واحد فينا ليه حاجه مختلفه عن التاني بيحبها وبتفرحه 
فأمتقع وجه محمود حتي قال بصوت قوي مش رجعتهاله خلاص وعرف مين دلوقتي الي كان خاطڤها ارتحت ياحسام دلوقتي 
ثم هوي علي اقرب مقعد فقال انا حبيتها ياحسام
فضحك حسام بسخريه حتي قال حبيت مين يامحمود مش أيناس برضوه كنت بتحبها وانت اللي بعت ليها واحد يوقعها في حبه بعد ما شغلته في شركة فارس وبعدين قلبت الطربيزه عليهم وخليته زي ما انت عايز اوعي تفتكر اني مش عارف لاء انا أعرف حاجات كتير عنك يامحمود انت لازم تتعالج يامحمود وجودك في حياة اللي حواليك شړ منهم أيناس صحيح كانت تستاهل بسبب خيانتها طب هنا ذنبها ايه
ليجلس محمود علي أقرب مقعد واضعا بوجهه بين راحتي كفيه وهو يعلم بأن كل كلمة يقولها حسام صحيحه 
أسدل الليل ستائره واصبحت النجوم تلمع في السماء ببريقها الآخذ حول ضوء القمر الناصع حتي أعلن الفجر عن بزوغه وسط تلك العتمه القويه 
لتأتي خلفها ريم وهي تتنفس بصعوبه من أثر ركضها أبله هنا مراد بيعيط وعمو فارس بيسأل عليكي 
وتسمع صوت نيره التي تضحك أتيه خلف ريم وتحمل طفلها نفسي اعرف أيه للمكان ده ياهنا ده انتي عدتيني وبقيت زيك انتي وعمتو
فأبتسمت هنا بعدما جلست علي ذلك الجزع قائلة بسعاده المكان هنا ليه سحر خاص بياخدك معاه لدنيا تانيه 
فتضحك نيره قائله اه دنيا ولا في الاحلام قولي قولي ياشاعره
لتلتف اليها هنا ضاحكه اقول ايه وانتي مشغوله بمص القصب ثم نظرت الي ريم التي تلهو مع بعض الطيور قائله انتي متأكده يانيره انك من ولاد الزواد 
فضحكت نيره حتي قهقت بقوه ثم ألتفت حولها لتجد أحد الفلاحين ينظر اليها بغرابه فنظرت الي هنا قائله بصوت منخفض هو بيبصلي كده ليه !! 
ثم نظرت بعيدا قائله مش ديه سلمي ونور 
فقفزت ريم معلنة عن فرحتها بوجودهم لتتذكر صديقها بندق قائله ياخساره كان فاضل بندق 
احيانا كنتي بتشاركيهم فيها وتابعت بأعينها نيره المنهمكه في مص القصب وابتسمت
فتأتي ريم من خلفها قائله بطفوله وانا قولتلك انك هتتجوزي امير حلو وهيبقي عنده مزرعه حلوه اووي وانا هلعب فيها وانتي روحتي ضحكتي عليا شوفتوا اللي مش بيصدق ريم وتخرج لسانها لأختها التي تكبرها شايفه يانور عشان لما اقولك انك هتبقي
كاتبه بتكتب قصص حلوه تصدقيني المهم اكتبي عن بندق وانتي هتنجحي اكتر 
فيضحكوا جميعهم حتي وقفت نيره بجانبهم والأمير كان فارس طول عمره اخويا اسم علي
مسمي 
ويحل الصمت للحظات بعد أن داعبتهم الذكريات حتي بدء الهواء ينعش أرواحهم ويصطفوا بجانب بعضهم فتضحك هنا قائله انا نفسي اعمل حاجه اوووي ثم نظرت الي بنات عمها واخت زوجها وسارت من امامهم وهي تلوح بأيديها  هتلاقوني عند شجرة التوت 
وتركض ريم خلفها وهي تضحك وبعد لحظات كانت تقف امام تلك الشجره وهي ممسكه بأحد العصايات قائله كفايه كده ياريم ولا لسا
فترفع ريم بوجهها المنحني علي حجر بيجامتها الصغيره لاء لسا هزي الشجره تاني 
فيأتي خلفهم وهو يحمل طفله ضاحكا انا مصدقتش لما نيره ونور قالولي انك عند شجره التوت وبتجيبي توت ياهنا 
خلاص 
فرفعت بقدماها كي تستطيع ان تصل بعصايتها
الي تلك الفرع المثمر بكثره شويه كده يافارس عايزه اجيب التوته ديه شكلها حلو
فتأمل كلماتها وهي تنطقها حتي ضحك بقوه هو حتي في التوت في شكل حلو وشكل مش حلو ده كله توت ياهنا 
فنظر اليها طويلا حتي انزلها بسرعه جعلتها تترنح قائلا بأسف انتي بتقولي ايه ثم نظر الي بطنها يعني انا هكون اب تاني بجد ياهنا 
وقربها منه بفرحه أنا شكيت برضوه في موضوع التوت بس قولت مش معقول هنكرر التجربه من تاني طب هو مافيش تنوع في الفاكهه ولا ايه يامدام 
فضحكت 
فألتف حوله قائلا بهمس عندك حق ياحببتي مراد وريم معانا يقولوا علينا أيه 
ثم هبط ليحمل طفله ناظرا الي ريم التي تأكل التوت يلا ياريم 
وعاد بنظرات أعينه الي طفله الذي يحمله علي ذراعيه قائلا ولا اقولك يامراد خليك انت فوق ورفعه علي كتفيه العراض فيضحك قائلا مراد عيني عايز اشوف
ليزحزح الطفل احد اصابعه ويلهو في شعره قائلا بابا 
فيبتسم علي افعال صغيره الذي اصبح عمره عامين وتركض ريم امامهم ليقول هو بسعاده وهو علي راسها بحبك يا طفلتي يا ام أطفالي 
تمت بحمدالله 
رواية رياح الألم ونسمات الحب 
بقلم سهام صادق

50  51 

انت في الصفحة 51 من 51 صفحات