الجزء الأول بقلم سارة المصري
اللي اتمنيت اعيشه معاك حبيتك انت فيه
تراجع في حدة وكأنها شيئا يثير أقصى ما في نفسه من اشمئزاز كأنه يحاول أن يحافظ على أبعد مسافة
ممكنة بينهما في هذا المكان الذي اصبح أضيق من جحر النمل
اللى بيحب ميخونش انتى خنتى اهلك ونفسك الحب بيطهرنا بينضفنا من جوانا ولو معملش ده يبقى يتسمى اى حاجة تانية
انا عارفة انى غلطانة وعارفة انى اللى هطلبه صعب
وعارفة انك عمرك ما هتفكر تقربلى على الاقل دلوقتى بس انا مستعدة لكل اللى انت عاوزه كل اللى تطلبه مقابل ان احنا نعيش مع بعض حياتنا زين صدقنى انا عمرى ما تمنيت حد غيرك
وانتى كانت مكانتك عالية اوى عندى يا سمر كانت كانت اعلى بكتير من المكانة اللى انتى حطيتى فيها نفسك دلوقتى انا لما سمعت اللى سمعته منك اټجننت مكنتش قادر اصدق انك انتى كدة ورغم كل ده لما بابا دخل علينا مكنتش ناوى اقوله كنت هكدب عليه بأى حجة وهحاول باى طريقة اخرجك من مصيبتك دى تعرفى كان ممكن فعلا اتجوزك لو وصل الموضوع لحارة سد لكن اللى عملتيه صدمنى اكتر من صډمتى الاولانية فيكى احنا مفيش ولا هيبقا بينا حياة يا سمر
او ربما كان هو احوج البشر فى تلك اللحظة الى البكاء والعويل فقد خسر حبيبته لتحتل اخر من تمناها فى العالم مكانها
حبيبته التى بدأ يضنيه الشوق اليها مع أول خطوة وطأتها قدماها بعيدا عنه
قبضت ايلينا على هاتفها فى قوة وهى تطرق على طرف الفراش به فى ڠضب كادت به ان تحطمه الى اشلاء ولكنها تحتاجه الان
انتبهت على صوت الباب ليدلف يوسف اليها بابتسامة واسعة وهو يخلع سترته قائلا
مساء الخير
لم ترد تحيته وظلت تتطلع اليه فى تمعن ايعقل ان يفعلها
فتح اول زر فى قميصه والټفت ليتحدث اليها ويروى لها يومه كما تعود ولكنه توقف وهو يقطب جبينه وينظر اليها حيث بدت شاردة الذهن فقال وهو يقترب منها ويضع يده على جبينها فى قلق
تصنعت ابتسامة بدت شديدة الغرابة له
انا كويسة بس انت بقا
قطب حاجبيه فى استنكار من طريقتها فى الحديث
ايلينا فى ايه ايه اللهجة دى
نهضت فى عڼف وهتفت وهى تنظر اليه فى ڠضب وبعينين حملت كثيرا من السخط وخيبة الامل
فيه ان مهما حاولت اغير فيك مفيش فايدة فيه انى تعبت وزهقت فيه انى بحارب طواحين الهوا معاك
انتتى بتتكلمى عن ايه
مالت اليه وهى تهمس من بين اسنانها فى حړقة
يوم فرح اخوك روحتنى القصر وقلت انك هتكمل سهرتك مع اصحابك ده حصل فعلا
ضړب كفيه ببعضهما فى نفاذ صبر قائلا
يا ريت تتكلمى على طول وتقولى عايزة ايه
هزت كتفيها بسخرية وقالت بينما تعبث بهاتفها
حاضر هتكلم
وصوبت الهاتف نحو عينيه مباشرة كأنها تصوب قذيفة
اتفضل يا استاذ يا محترم الهانم اللى قضيت الليلة فى حضنها صورتك وبعتتلى الصور عشان تأكدلى ان علاقتكو مستمرة
نظر الى الهاتف وضيق عينيه بشدة وتركيز فواصلت
انا فعلا ندمانة على كل لحظة عشتها معاك ندمانة على كل احساس حسيته وياك انت مصر تفضل فى الحضيض والقرف وهما فعلا لايقينلك خليك فيهم وانا هبعد وكفاية لحد كدة
واكملت وهى تسحب الهاتف من امامه غير عابئة بملامحه التى كستها الصدمة
ايه مكنتش عامل حسابك صح مش لاقى كلمة ولا رد ترد بيه بتفكر فى حاجة تضحك عليا بيها مش كدة مش هتقدر تضحك عليا ابدا انا مش هتنازل المرة دى ولازم نتطلق
وضع يديه فى جيبه وعض على شفته السفلى قائلا وهو يرفع رأسه فى بطء
فعلا معنديش رد ولا كلمة اقولها لو انتى مصدقة ان انا اللى فى الصور دى خلاص ايلينا يبقى انا
رفعت حاجبيها في دهشة وكادت أن تتهمه بالوقاحة فتابع فى حزن
انا زهقت وتعبت صدقى اللى تصدقيه واعملى اللى انتى عايزاه انا مش هعيش حياتى معاكى كلها فى حرب وسجن اټهامات مبتنتهيش لو عاوزة تطلقى حالا هطلقك وكفاية عليكى عيشة مع واحد زيي
اتسعت عيناها كأنها ستبتلعه بداخلهما وتمتمت فى حيرة وهى تلقى نظرة على هاتفها كأنها تتأكد من شىء ما
انت قصدك ان مش انت اللى فى الصور
ضحك فى مرارة وهو يتابع ما تفعله
انتى من كتر شكك فيا مجاش فى بالك حتى ولو لمرة ان الصور متفبركة ولا حتى حاولتى تتأكدى وتتأكدى ليه عمرى ما حبيتك ولا بفكر اسعدك ازاى بأي طريقة
وعاد ليلتقط سترته لينهي النقاش قائلا في هدوء
على كل حال شوفى انتى عايزة ايه وانا اعملهولك واشار بسبابته
قبل ان يذهب ليواصل في تهكم
واه بالمناسبة انتى مش محتاجة تسألى حد اذا كانت الصور متفبركة ولا لا لان لو عندك ثقة فيا كنتى قدرتى تلاحظى ان ده حد تانى انا فى كتفى چرح واضح بقاله سنين اللى فى الصور جسمه سليم
نظرت الى الهاتف فى يدها وهي تشهق فى صدمة لقد ذهب هذا الأمر عن بالها تماما نعم الوجه في الصورة له ولكن هذا ليس جسد يوسف مطلقا ليس الچرح فقط فلون بشړة صاحب الصورة أفتح من لون يوسف بقليل لو دققت من البداية لأدركت هذا بسهولة ولكن غيرتها تحكمت بها فشوشت نظرها كالعادة
نظر لها من اعلى الى اسفل فأطرقت برأسها فى خجل وهى تتذكر كل الكلمات اللاذعة التى امطرته بها ظلما لقد هدمت جزءا بداخله لا يمكن اعادة بناءه من جديد حاولت ان تقول اى شىء ولكن لسانها الذى انطلق بلا هوادة فى وصفه بأشنع الصفات قد تخلى عنها الان ارتجفت نبرتها كثيرا وهي تحاول صياغة أي جملة
يوسف انا
اوقفها بكفه يمنعها من الحديث فقد اكتفى وفاض
انتى ايه انا خلاص تعبت طول الوقت شك طول الوقت بتحسسينى بندمك على جوازنا اللى انا بعتبره اجمل حاجة حصلتلى طول الوقت بتحسسينى انك اتنازلتى لما قبلتى تتجوزينى انا حكتلك وعرفتك كل حاجة من البداية وانتى قبلتى ووعدتك انى مش هجرحك وانتى عمرك ما ادتينى ثقتك انتى استغليتى ماضيا عشان كل لحظة تعايرينى بيه من يوم ما اتجوزنا وانا بسعدك بكل طريقة عمرى حتى ما بصيت مجرد بصة لواحدة غيرك نظرة الاتهام اللى فى عينيكى بقت بټقتلنى انا تعبت والله تعبت
واغلق زر قميصه وهو يحمل سترته على ذراعه وهم ان يفتح الباب فهرعت لتضع يدها على مقبض الباب تترجاه في ندم
يوسف استنى انا اسفة ارجوك سامحنى
تنهد في مرارة فاقتربت أكثر لتمسك بياقة قميصه هامسة في نعومة تعرف كم هي مؤثرة به
انت عارف اني بحبك وبغير عليك
لا يا ايلينا المرة دى غير كل مرة مش هضعف قدامك وانسى حرف من اللى قولتيه
وتركها ليخرج نظرت حولها بسرعة والتقطت وشاحا لفت به رأسها دون ان تهتم ببعض الخصيلات التى ظهرت من تحته لتتمكن من اللحاق
به
أدركته وهو على وشك ركوب سيارته فامسكت بذراعه تتوسله
ارجوك يا يوسف انا اسفة اعمل فيا اللى انت عاوزه بس بلاش تمشى وانت زعلان منى كدة
وقفت امامه لتضيف فى قلق وهى تنظر الى وجهه الغاضب مدت كفيها لتحضنه
قلى بس انت رايح فين
نظر لها فى خيبة امل واستنكار وحزن جعلها تلوم نفسها للمرة الالف على ما فعلته تنهد في ألم وهو يزيح كفيها
الحياة بينا بالطريقة دى بقت مستحيلة فعلا
هتفت فى رفض واضح تستنكر ما يقوله وهي تضع يديها على ثغرها
لا يايوسف متقولش كدة انت عارف انا قد ايه بحبك
رد وهو يفتح باب سيارته ملقيا نظرة يائسة عليها
بتحبينى واكتر حد بيوجعنى وانا بحبك ورغم كدة بتشكى فيا فى كل نفس الحب مش كل حاجة يا ايلينا للاسف اكتشفت ده متأخر
دلف الى سيارته فتحسست زجاج النافذة ومالت اليه وهي على حافة البكاء
طيب بس قولى رايح فين
نظر لها نظرة مطولة أخيرة دون ان يرد قبل أن ينطلق بسيارته بعيدا عنها
راقبت السيارة حتى اختفت لټنفجر فجأة بالبكاء وكأنها أخذت حبيبها الى مصير مجهول
مصير أوقعه فيه غبائها الذي عجز حبها عن تقويمه وحركته غيرتها الى اتجاه واحد لارجعة فيه الفراق أليس هذا ما طلبته !!!
ولكنه يحبها وسيسامحها
غبية غبية
ظلت تردد الكلمة فى عقلها وهى تتذكر كل مشاهدها معه منذ زواجهما رقته حنانه حبه كيف تشك فيه كيف
كيف لم تشفع له كل مشاعره فتدرء عنه كل هذه التهم فى بساطة
لقد غفر لها لمرات ومرات حتى أخذها الغرور تعرف ان هذه المرة تختلف فقد تفوهت بما زاد عن الحد ورصيدها السابق من الاټهامات ليس فى صالحها تماما حاولت الاتصال به لمرات ومرات دون جدوى حتى أغلق هاتفه تماما وعلمت فى صباح اليوم التالى من زين انه سافر الى الاسكندرية لاستلام شحنه من الميناء هناك لم يكن هذا من صميم عمله ابدا هذا ما ادهش زين وهو يخبر الجميع بهذا بينما وحدها من كانت تعلم السبب مرت ايام ولم يعد
وهى على محاولاتها بالاتصال به دون جدوى حتى أشفق هاتفه ذات مرة على حالها وأصدر رنينا كان هو صوت الأمل بالنسبة
اليها لم تصدق نفسها بالفعل حين قطع صوت الجرس لتفتح المكالمة
لم يأتها صوته فهتفت فى قلق وهي تنظر الى الهاتف تتأكد أنه فتح المكالمة بالفعل
يوسف
لم يرد وان سمعت انفاسه فى الجهة الاخرى فهتفت من جديد
يوسف ارجوك رد عليا
وواصلت بصوت يقطعه نحيبها
انا اسفة اسفة اسفة مليون مرة حبيبى بس ارجعلى بلاش تبعد ارجوك انا من غيرك تايهة ومش حاسة بالدنيا من حواليا ارجع بقا يا يوسف انهى المكالمة دون ان تسمع رده فواصلت تتوسل اليه بالرسائل عبر شتى الطرق بالماسنجر والواتس اب تعرف انها اخطأت وتستحق عقابه فليعاقبها بأى شىء الا ابتعاده على هذا النحو
ارتمت على فراشها تنتظره ككل ليلة
تكورت فى حزن وهى تتحسس مكانه الخالى الى جوارها فى ألم
لم تنم براحة ابدا منذ ان تركها هكذا
لم تمر ليلة ابدا منذ زواجهما الا ورأسها تتوسد صدره كانت دائما ما تنام على صوت دقات قلبه وكأنها تشدو لها بمشاعره كل ليلة وتستيقظ على صوتها
اشتاقت لرائحته لصوته لكل شىء
فيه
انتظرت قدومه وهى حتى تعلم انه لن يأتى ولكنه أتى
جاء بالفعل بعد منتصف الليل وفتح باب الغرفة فى هدوء وللحظة ظنت نفسها تحلم
فليكن فلتتصبر بالحلم حتى تأتيها الحقيقة فليكن طيفه نعم الأنس لشوقها الجارف عله يداوي بعضا من حرقته
اندفعت اليه