السبت 23 نوفمبر 2024

رواية المطارد (كاملة حتي الفصل الاخير) بقلم امل نصر

انت في الصفحة 4 من 32 صفحات

موقع أيام نيوز


صياح أبيها الشديد جعل نجية تنتفض و تترك ما بيدها وهي تردف بعجالة ليمنى 
أبوكي باين عليه مضايق من صوته تعالي أكليه انت وأنا هروح أشوف أبوكي ماله وبيزعق كدة ليه
قالت نجية وخرجت مهرولة لزوجها لتترك يمنى دون استئذان ولا استماع اعتراضها مع هذا الأنسان المستفز وهو يرمقها الان باسترخاء فتحت يمنى فمها لتتحجج وتتركه ولكنها تذكرت مهنتها وقلبها لم يطاوعها 

أردف هو بلؤم
الفصل الخامس
الطبقات و رجال غرباء من
جميع القرى المجاورة بالإضافة الى مجموعة كبيرة من الشخصيات المهمة والمسؤلين أتت من عدة محافظات وأماكن معروفة في الدولة فالمتوفى ليس شخص عادي كأي شخص المتوفى كان في فترة قريبة من الزمن يحتل كرسي النائب عن الدائرة لعدد كبير من السنوات قبل أن يصيبه المړض ويتركها مضطرا لأكبر أبنائه وكأنه جزء من الميراث او شئ يخص العائلة 
الصالة الكبيرة بالمنزل امتلأت بعدد كثير
من النساء التي اتشحت ملابسها بالسواد أتين هنا أيضا لعزاء زوجة النائب السابق وام النائبالحالي ولكنها
على غير المعروف لم
تكن موجودة في هذا الوقت لتتلقى العزاء مع بناتها ومعظم نساء العائلة من شقيقات وقريبات للعائلة العريقة بأصولها التي تمتد بجذورها الى الأسرة المالكة سابقا 
كانت المرأة موجودة بغرفتها بالطابق الثاني واقفة امام النافذة تنظر للمساحة الخضراء التي تملكها على مرمى البصر أمامها وحدها بعد ان أمرت الجميع بتركها والإنصراف كي تنفرد بنفسها وتستريح قليلا هذا إن استطاعت 
انتبهت على طرق خفيف على باب الغرفة فهتفت غاضبة
انا مش قولت عايزة اقعد لوحدي ومشعايزة اشوف حد 
وصلها الصوت الرجولي 
دا انا يأمي مش حد غريب ممكن ادخل لو تسمحي 
اتفضل ياولدي ادخل 
سمحت له بالدخول وهي تتحرك من امام النافذة لتجلس بأحدى اركان الغرفة الواسعة أشارت له بالجلوس معها فور ان دلف اليها وسألته 
ها ايه الاخبار 
أجابها بإرهاق 
الحمد لله اليوم عدى على خير رغم اني اتقطم وسطى ومابقتش حاسس بضهرى ولا رجلي من كتر الوقفة والتعب في استقبال العزا الناس اللي جات ماليها عدد دا غير الوزراء والمحافظين واصحاب المرحوم من النواب السابقين والحالين 
أؤمت برأسها تسأله 
واجواز اخواتك كانوا واقفين معاك زين ولا استهبلوا زي عادتهم 
اجابها بدهشة 
اهم دول بقى النهاردة كانوا واقفين معايا زي الساعة ومقصروش عني لحظة وعيال اعمامي وعماتي كمان مافيش واحد فيهم غاب 
بشبه ابتسامة ساخرة ردت على كلماته 
فرحانين بقى حقهم ماهم اخيرا هايورثوا بعد اللي كان واقفلهم فيها زي اللقمة في الزور 
اومأ برأسه صامتا فسألته والدته 
وعملت ايه في الموضوع اياه 
تحركت رأسه بيأس وقال 
للأسف اختفى زي الزئبق وماحدش عرف يجيب خيط واحد يعرفنا مكانه 
كيف انا اللي اعرفه ان الرجالة حراس ابوك اصابوا كتفه بطلقة من مسداستهم يعني اكيد راح مستشفى ولاحتى عيادة 
دورنا في كل مستشفيات المحافظة والوحدات الصحية في القرى القريبة مافيش مخلوق دخل بالأسم ده عنديهم وحتى في العيادات المعروفة فبرضوا الرجالة راحو وسألوا فيها ومافيش نتيجة 
شددت نحوه قائلة بصرامة
لازم تلاقيه ياعثمان مهما اختفى لازم تعرف طريقه 
اومأ لها يرد 
ماتقلقيش ياامي احنا بندور في كل حتة وخليكي مطمنة اننا هانعثر عليه ومهما كان ذكائه اكيد في يوم هايجيلنا برجليه في الاخر عشان يشوفها ولا انت نسيتي بقى انها معانا في نفس البيت بعد ماطلعناها من المستشفى
بعد أن خرجت نجية مهرولة من الغرفة تلبية لنداء زوجها الذي كان يهتف عليها خارج الغرفة وقد أمرت يمنى بمساعدة صالح وإطعامه ظلت يمنى متسمرة محلها لعدة دقائق وهي تنظر في أثرها مصډومة ومع سماعها لكلماته ازداد حنقها منه ومن خبثه 
أما هو فكان ينظر إليها بتسلية وابتسامة جانبية في انتظار رد فعلها وهي في صراع مع نفسها بين ضميرها المهني وبين امتعاضها من هذا الرجل واستفزازه لها زفرت للمرة الألف ثم أجمعت أمرها أن تعامله مثلما قال كأنه مريض عادي
ثم مالبث أن يتخلى عن بروده قليلا وفاجأها بسؤاله 
أنتى شوفتيني فين سابق عشان ترسمي عنيا بالمظبوط كده
قطبت حاجبيها في البداية ثم زفرت متأففة تجيبه بسأم 
أنت برضو هتجيب سيرة الرسمة ياسيدي أنا أول مرة أشوفك كانت أمبارح 
يعني لحقتي في الوقت القليل
________________________________________
ده ترسميني!
سأل بتركيز معها تركت هي ما بيدها تستغفر ربها قبل أن تردف بتعب 
ياسيدي وأنت مين قالك إن دي عيونك بس!
اجابها بثقة 
انتي! بارتباكك ده ! دا غير أني مش تايه عن تفاصيل وشي يعني !
ذامت شفتيها غيظا من اصراره عليها فقررت أن تغير دفة الحديث وتسأل هي ايضا! 
طب قولي أنت الأول أنت من بلدنا ولا غريب
ضيق عينيه بتفكير ثم ابتسم قائلا
يعنى بتردي السؤال بسؤال ماشي ياستي أنا هجاوب على سؤالك بس على شرط تجاوبي أنتى على سؤالي كمان 
نظرت اليه بتوجس وهي صامتة وهي لم تقرر بعد الإجابة عن سؤاله فأكمل هو
هعتبر السكوت علامة الرضا وابتدي أنا بالإجابة وأقولك أنا فعلا غريب عن بلدكم 
ولما أنت غريب عرفتني إزاي 
سألت وأجاب هو على الفور 
بلدكم صغيرة قوي والناس فيها على قد حالها وتقريبا كلهم عرفينك وبيشهدوا بشطارتك 
ودا يديك الحق أنك تخطفني
قالت بقوة فاجأته فأخفض عينيه وظهر جليا على وجهه التوتر قبل أن يردف بخزي 
عندك حق في كلامك بس أنا وضعي مش عادى عشان أجري على أى مستشفى حكومي ولا حتى أروح لدكتور عادي ويعلم
الله أني كنت هرجعك تاني من غير أذيه 
تبسمت بزواية فمها ساخرة وهي تهز راسها يأسا 
كنت هاترجعني! ودا لو
حصل فعلا ورجعت سليمة زي مابتقول كنت هاسلم انا ساعتها من كلام الناس وظنهم فيا بعد ما اطلع الجبل مش بقولك بتتكلم ببساطة في حاجة كبيرة زي دي 
صمت متنهدا يشيح بعيناه عنها فقد لجمته بتقريعها الغير مباشر وهو يعلم تمام العلم ان معها كل الحق هو نفسه لايدري كيف صدر منه هذا الفعل في لحظة ضغف لم يحسب حسابها 
حينما ظل صامتا ولم يرد تجرأت هي فسألته 
طب هو أنت
ليه وضعك مش عادي صحيح هو أنت عملت ايه بالظبط
عاد اليها بعيناه المشټعلة بنظرة مخيفة فقال پغضب
وأنت يخصك
ايه باللى بعمله وانت مالك اصلا عشان تسألي سؤال زي ده
احرجتها حدته المفرطة والمفاجئة لها فهمت بالاستئذان وهي ترفع الأكل المتبقي لتخرج لكنه أوقفها قائلا بخشونة 
الدور عليكى عشان تجاوبي ولا أنت نسيتي اتفاقنا ولا ايه
سأمت السؤال والتكرار فأردفت سريعا كي تنهي التحقيق
لقيت نفسي فاضية ياسيدي فرسمت عيونك وانت نايم استريحت بقى 
كدابه!
قال بقوة وعينيه في عينيها وأكمل 
أولا الصورة دي محتاجة وقت وأعصاب هاديه عشان تطلع مرسومة بدقة اللي شوفتها وأنتي حسب ما سمعت من الوالدة أن طلع عينك امبارح مع والدك وأنتوا بتخرجوا الطلقة من كتفي وتطهروا الچرح اللى في رأسي 
ثانيا واضح قوي أنك مبتعرفيش تكدبي لأنك بريئة جدا وأنا راجل وبعرف أميز الكويس والۏحش 
خاطبته قائلة برجاء 
انا تعبت جدا على فكرة من إصرارك العجيب ده فممكن يعني تعفيني من الإجابة
بشرط تجاوبيني بعد كده
قال وأومات هي برأسها موافقة ثم همت ترفع صنية الطعام من امامه وقبل أن تخرج من الغرفة توقفت تخبره
ثوانى هرجع وأديك علاجك عشان تريح جسمك وتنام تاني 
أومأ بجفنيه وتركها تذهب من أمامه ليتمتم مع نفسه بعد ذلك وهو ينظر للباب الذي صفقته من ثواني قليلة 
هو انتي ايه حكايتك معايا بالظبط
أنا كان مالي بس بالمصاېب
دي هو انا مكفي عيالي وكل وشرب عشان اجيب لنفسي كمان نصيبة توديني في داهية هو انا حمل جرجرة في البوليس ولابهدلة الحكومة لو جات رجليا مع البلوة اللي جوا ده لكن اعمل ايه أنت السبب أنت وبنتك إللي أصريتوا تعالجوه وبينها هتطربق فوق رأسنا كلنا 
حاولت التحدث بهدوء حتى لاثتير غضبه اكثر 
طب وأيه إللى جد بس يا أبو محمد ما أحنا عارفين إللي فيها من الأول وقولنا عليه روح وهناخد فيه ثواب لما نعالجه 
اللى جد ياناصحة أنه مطلعش حرامي زى ماكنت فاكر لأن أهل البلد أكدولي إن مافيش بهيمة اتسرقت والكل بيتكلم على ضړب الڼار وبيقول أنه أكيد قتل يعنى مش بعيد يكون اللى قاعد جوا دلوقتي في أوضة ابنك الصغير سڤاح ولا عليه طار كبير 
نجية وهي تلوح بيدها فى الهواء 
ماتقولش كده بس ياراجل وتفول بالعفش هو انت خلاص اتأكدت ولا عرفت عشان تشيل الهم وتحسب حساب النصايب الشړ بره وبعيد 
جز على اسنانه غيظا من هدوئها لا يدري ماذا يفعل معها كي يصلها ما برأسه وتعلم بكم الافكار السيئة التي تلاحقه دون توقف وقلبه يكاد ان يتوقف خوفا من القادم تنهد بعمق وهو يستقيم بظهره ويبتعد عنها حتى نزل بثقله على طرف السرير فجلس مطرقا رأسه التي وضع كفيه عليها وخرج صوته المبحوح من فرط مايشعر به 
شړ أيه بس اللي بره وبعيد! دا بينا فى بيتنا وأحنا مش حاسين انا كان مستخبيلي دا كله فين وعقلي كان فين بس لما تبعتكم وماتعبتس يونس اللي فهم من الأول وعرف استرها معايا يارب دا انا ماليش غيرك يارب 
أنت مين
قالها محمد أصغر أفراد الأسرة لصالح الذي تفاجأ بدخوله الغرفة دون إستئذان فرد عليه غير مبالي
وأنت مالك
قال محمد پغضب طفولي 
ازاى يعني أنا مالي وأنت نايم في أوضتي وعلى سريري! 
رد صالح بابتسامة 
فى أوضتك وعلى سريرك كمان معلش ياباشا ان كنت قليت راحتك بس انت مقولتليش هو انت على كده بتنام فين دلوقت!
قال محمد بسخط 
انا كنت نايم الليلة اللي فاتت هنا وعلى سريري ده وصحيت لقيت نفسي نايم في أوضة أختي يمنى وأنا راجل يعني ماينفعش أنام غير لوحدي 
ازداد اتساع ابسامة صالح وهو يردف اليه
عندك حق أنت ماينفعش تنام في أوضة البنات تعالى ونام جمبى عالسرير 
رمقه بنظرة متفحصة في البداية على رأسه المصاپة ثم ذراعه الملتف بالأربطة الطبية ثم وجهه قبل أن يرد 
أنام ازاى جمبك وأنت متربط رأس وكتف دا أنت باينك دخلت عركة واطحنت فيها 
هههههه
خرجت من صالح دون إرادته لتزيد من الام رأسه وېصرخ 
اااه اااه 
قال محمد بعفوية
رأسك بټوجعك ومش متحمل حتى ضحكة دا أنت عطلان خالص ياراجل 
تكلم صالح بصوت ضعيف وهو يحاول السيطرة على ضحكته 
يخربيتك دا أنت سكر بس أنا مش حملك دلوقتي 
تقدم نحوه محمد ليقف امامه متسائلا متفحصا
هيئته
طب اسمك ايه عشان اعرف 
اسمي صالح وانت 
قال ورد الاخر معرفا نفسه
 

انت في الصفحة 4 من 32 صفحات