رواية اصقلها شيطان
ذلك الصوت
كفاية كفاية انا مبعملش حاجة غلط
فتحت خالتها ميسرة الباب وهرعت نحوها تضمها بلهفة وهى تردد بجزع
بسم الله الرحمن الرحيم الله أكبر الله أكبر أيه يا حبيبتي مالك دا كابوس تاني ولا أيه
تعالت شهقات سدرة داخل حضڼ خالتها وتشبثت بها ټدفن وجهها به وبدأت تهدأ حينما استمعت لصوتها يرتل قصار الصور من القرآن الكريم فكان له مفعول السحر فقد بدأ النوم يراود جفنيها حتى اثقلهما وجعلهما ينطبقان مستسلمان لسلطانه وحين استمعت خالتها لصوت أنتظام أنفاسها ابعدتها عنها برفق وأرقدتها بفراشها ودثرتها جيدا ثم تركتها وغادرت الغرفة عائدة لزوجها مرة أخرى حتى يجدا حل لفزع سدرة المتكرر دون معرفة سببا لهذا
اعتدل حسان من نومته متكئا على ذراعه
انا بقول نوديها للشيخ أحمد أمام المسجد يقرا عليها آيات الروقية وأيات فك السحر يمكن تكون مسحورة ولا محسودة
أومأت ميسرة برضا فقد استحسنت أقتراحه حتى ينصلح حال أبنتها
عندك حق يا حسان بس ياريت تستعجل عشان البت داخله على امتحانات اخر السنة وخاېفة الحالة دي تأثر عليها ويحصل حاجة لا قدر الله
مټخافيش انا أول ما هشوفه الليلة في صلاة الفجر هقوله وأن شاء الله هخليه يجي ليها في أقرب وقت
أبتسمت له ميسرة ممتنة لأهتمامه بسدرة وكأنها أبنته فعلا
تسلملي يا حسان والله ما عارفة من غيرك كنت هعمل أيه دا أنت بتعمل لسدرة اللي أبوها نفسه مكنش هيعمله
نظر حسان أمامه ومسحة حزن تومض في مقلتاه
لأنها بتكمل النقص اللي عندي وربنا جعلها سبب أنها تملى فراغ حياتنا وتحسسك بالأمومة عشان متزهقيش مني وتسبيني
أنت عمرك ما كان عندك نقص في حاجة وانا عمري ما كنت هفكر حتى أن أسيبك عارف ليه يا حبيبي لأني أكتفيت بيك عن كل حاجة حتى الأطفال أنت عندي بالدنيا وما فيها عمر عيني ما شافت راجل ليها غيرك ولا هتشوف بأذن الله ربنا يبارك ليا في عمرك وميحرمنيش منك يا روح قلبي ونور عينيا
ويخليك ليا ويبارك ليا فيك يا حبيبتي انا عارف حبك الكبير ليا وربنا يعلم انا بحبك قد ايه وقطعة السكر ربنا جعلها عوض لينا أحنا الأتنين ربنا يخليها لنا ويصلح حالها ويفرحنا
بيها
أغمضت ميسرة
عينيها في حضڼ زوجها بعدما شعرت بالراحة والأمان والتي تستمدهما من أنفاسه ورددت بصدق
وعند سدرة باتت ليلتها تحلم بثعبان ضخم يركض خلفها يريد أفتراسها وهى تعدو أمامه مسرعة حتى أنهكت قواها ووقعت أرضا مستسلمة لقضائها وأغمضت عينيها تنتظر ألتهامه لها لكنها فتحت عينها على رجلا لا تضح ملامحه لها يمسك بيده سيفا يحارب به الثعبان حتى أبتر رأسه بشجاعة ثم نظر لها يهز رأسه بأسف وابتعد عنها حتى تلاشى صورته من أمامها وشعرت بشيء يوكزها بيدها فنظرت بجانبها فلم تجد أحد لكنها استمعت لصوت خالتها يناديها من بعيد
سدرة قومي يا حبيبتي كل دا نوم الساعة بقت عشرة سدرة قومي بقى يا بت غلبتيني
أجبرت سدرة على فتح عينها فوجدت خالتها توقظها حقيقة فزفرت بقوة وهى تسألها بضيق
ايه يا خالتو في أيه لكل دا
مسحت ميسرة على رأسها بحب
قومي يا حبيبتي بسرعة عمك حسان استأذن من شغله ساعتين لأنه جايب الشيخ أحمد أمام المسجد يرقيك ويحصنك من عنين الناس عشان متشوفيش الكوابيس دي تاني
نهضت سدرة ورفعت عنها الغطاء ووقفت تتخصر بيديها
ومين قالك بقى يا خالتو أن الكوابيس دي سببها حسد ولا الكلام اللي بتقوليه دا كل الحكاية أن الأمتحانات قربت وانا متوترة بسببها مش أكتر
أشاحت لها ميسرة بيدها
متوترة ولا مش متوترة أحنا بناخد بالأسباب زي ما ربنا قال مش أكتر وبعدين احنا مش هنعمل سحر ولا شعوذة دا الشيخ أحمد راجل أزهري ومن طول عمره عايش معانا ووسطينا ونحسبه على خير أن شاء الله وعمره ما قبل يعمل حاجة تغضب ربنا استعجلي وقومي جهزي نفسك على ما أعمل ليهم قهوة
عادة سدرة لحاضرها حيث تجلس على فراشها كعادتها مؤخرا تسترجع ذكريات مضت منذ عامين وأكثر زفرت بضيق وهزت رأسها بندم وهى تجلد ذاتها لسامحها لذلك الشيطان باستغلالها حتى وقعت في براثنه ونجح في أخذ براءتها وفطرتها منها وأصبحت مثله لا تخشى الحړام ولا العيب وأنساقت في دروبه كسوق الحيوانات بعدما أوقفت عقلها عن التفكير أغمضت عينيها بأسى واستغفرت ربها مرارا وتكرارا وبينما هى كذلك لاح في ذاكرتها ومضات من ليلة أمس حينما كان هارون يراقصها وينظر في عينيها بقوة وتركيز فرأت في عينيه لمحات من حبه لها لكنه يجاهد نفسه كثيرا حتى يؤده داخل مقلتيه ويمحي اي أحساس بداخله ناحيتها دمعت عينيها وهى تتمنى أن يعطيها الفرصة للصفح عنها ومحو خطيئتها
لو بس تنسى يا هارون وتسامحني هاعيش طول عمري أعوضك عن چرحي ليك أنت متعرفش انا بحبك قد أيه انا لو أطول أفديك بحياتي والله ما هتأخر
ثم رفعت وجهها للسماء ودعت ربها بيقين
يارب أنت قادر تلقي عليه محبتي وتخليه يسامحني يارب انا توبت ليك فتقبل توبتي يا الله
في مجموعة البنا للبناء والتعمير جلس هارون في مكتب رئيس المجموعة الخاص به وأمامه الكثير من الملفات الورقية يراجعها بدقة وتركيز استمع لصوت نقرات متتالية على باب الغرفة فأمر لزائرة بالدخول
أدخل
دخلت سكرتيرته الحسناء تتمايل بقدها المنحوت
الأستاذ حمدي النائب بتاع حضرتك بره وطالب يقابلك يا فندم
أومأ هارون لها وأشار لها محذرا
خليه يدخل ومش عايز أي مقاطعة ولا حتى تليفونات لغاية ما أخلص معاه
هزت رأسها بتأدب وأنسحبت من أمامه بنعومة كاذبة جعلته يسخر منها بداخله
حاضر يا فندم
ثم خرجت من الغرفة ودخل مساعده وهو ينظر في أثرها وعيناه تفيض من الوله
أخ عليها لو بس تميل بنت اللذينة دي
أبتسم هارون وهز رأسه بيأس من تعقل ذلك الأرعن
مش هتعقل بقى ولا ناوي تفضل طول عمرك كدا
أشار حمدي لباب الغرفة
لو الجنان هيوصلني ليها فانا مستعد اټجنن بس ترضى عني
ثم ضيق عينيه وسأله بنزق
أنت أزاي قادر تمسك نفسك قدام حلاوتها ولا طعامتها دي مش فاهم دا انا لو منك كان زماني هييييه ولا بلاش لحسن تقول عليا ذئب بشړي
ضحك هارون بصوت مجلجل
لسه هقول عليك ما أنت فعلا ذئب بشړي يا أخي هو لولا تحذيري ليك أن موظفات شركتي خط أحمر كان زمانك موقع نصهم وبعدين انا مش زيك انا واحد المظاهر مبقتش تخدعني لأني اتلدغت منها مرة زمان وخلاص توبت والحكمة بتقول لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين وكفاية هزار بقى وخلينا في الجد وقولي عملت أيه في اللي طلبته منك
حك حمدي مؤخرة رأسه بنفاذ صبر من صلابة أبن خالته وأخرج من جيبه شيئا ووضعه أمام هارون على مكتبه ثم جلس في مقابله
خلاص يا سيدي متفضلش تأنبني عرفنا أنك بقيت ولي من أولياء الله الصالحين اتفضل دي ميموري عليها كل المعلومات اللي طلبتها وعلى فكرة كان عندك حق في ظنك بخصوص صاحب شركات المهدي فعلا طلع مريب وليه في اللعب من تحت الترابيزة
أومأ هارون بتفهم وأمسك بالذاكرة المدمجة ينظر لها بتركيز وأهتمام
عمر احساسي ما كدب وديما ربنا بينور بصيرتي
لكنه شرد لثواني ونفسه
تحدثه
لا احساسك
كدب عليك يوم ما خلاك تحب سدرة وما تشوفش حقيقتها الحقېرة
نفض هارون ذلك الوسواس القهري اللذي يلازمه دائما عن رأسه ونظر لحمدي
قدرت توصل لمعلومات أكيدة نوقعه بيها
هز حمدي رأسه بنفي
لأ نوقعه فعلا لسه لأن كل المعلومات اللي عندك دي مجرد شائعات الناس بترددها لكن مستندات حقيقة نقدر نثبت بيها فساده فعلا أن شاء الله بحاول مع حد وأن صدق هيكون في معانا الورق اللي يودي زاهر المهدي في داهية قريب قوي
تحفزت تقاسيم هارون وهو يضم قبضة يده على الذاكرة المدمجة
هو اللي قرر يلعب معايا لعبه القذر واللي يلعب مع السبع يستحمل عضه
هز حمدي رأسه بأسف
جنت على نفسها براقش بس قولي عملت أيه المهندس أيهاب عرف أنك كشفته
أبتسم هارون بخبث
لأ لسه مدعي الفضيلة وفاكر نفسه الرجل الخارق اللي محدش يقدر يمسك عليه غلطة وماشي ينفذ كلام زاهر بالحرف مسكين ميعرفش أني كشفته من بدري والفضل لربنا وللمعلم عبده مقاول العمال لما قابلك في الموقع ونبهك لتلاعبه في مون الأساسات على غير العادة فاكر أنه هو الوحيد بس اللي فاهم
زفرة حمدي پغضب متذكرا ما حدث
انا لما المعلم عبده قابلني وحكالي على اللي لاحظه مكنتش مصدق أن واحد زي الباشمهندس أيهاب الراجل الملتزم الخلوق اللي شغال معانا بقاله اكتر من عشر سنين ملتزم وطول عمره مغلطش في شغله غلطة واحدة يطلع منه التصرف دا والله انا حزنت على اللي وصل نفسه ليه
ضړب هارون سطح مكتبه پغضب ونهض متوجها لنافذته الزجاجية ينظر عبرها للحركة الدائرة في الخارج وبنبرة يملؤها الحدة خرج صوته هادرا
لا متحزنش عليه إذا كان هو مخفش من ربنا وعمل كدا دا ميستهلش غير أنه يتحرق حي على مۏت ضميره انا لولا خاېف أن زاهر يدور على حد غيره ويوقعه زي ما وقع إيهاب من غير ما أعرف انا كان زماني كشفته ووديته في داهية بس هصبر لغاية ما أوقعه هو وزاهر مع بعض أن شاء الله
وقف حمدي وتوجه ناحيته
خلاص يا هارون مضايقش نفسك واهدى وتعالى نقعد نشوف مع بعض خطواتنا الجاية هتكون أيه ونخطط ليها صح عشان منسبش ورانا ثغرة يقدر حد منهم يفلت بيها من العقاپ اللي يستحقه
زفر هارون بضيق لكنه تمالك نفسه قليلا ولف رأسه ينظر له متحدثا بثقة
مفيش حد يقدر يفلت من عقاپ هارون البنا يا حمدي كله هياخد حسابه واكتر من اللي يستحقه كمان ومتقلقش انا مخطط لكل حاجة تخطيط مظبوط انا بس كنت مستني لغاية ما تجيب ليه معلومة مؤكدة عنه
ابتسم حمدي وربت على كتفه بفخر
كنت عارف أن أبن خالتي مش ساهل وأن شاء الله تقدر تجبهم ودوسهم تحت رجلك زي الصراصير
أومأ له هارون وعلى وجهه ابتسامة ثقة
أن شاء الله دا شىء أكيد وفي أقرب وقت كمان
وقف ماجد أمام سدرة مدعيا التوتر والأرتباك