الجزء الأول بقلم سارة المصري
الطريقة اللى كلمتيني بيها دي ما تتكررش تاني مفهوم
ضيقت ايلينا عينيها في تفكير وقالت غير عابئة به أنهي طريقة مش واخدة بالي ثم ابتسمت فى سخرية وقالت وهي تطرق بسبابتها على صدغها كأنها تذكرت اه قصدك عشان قولت اني مش مستنية مكافأة على شغلي هزت رأسها للحظات قبل ان تواصل فى تحد غريب هوا المفروض كنت قولت ايه خيرك مغرقنا ياسعادة الباشا ومكافئتى الحقيقية هيا رضاك عليا متأسفة التملق ده مش طبعي
حاول يوسف التظاهر بالهدوء فقد استفزته بالفعل فقال وهو يضع يده في جيب سترته ليمنع نفسه من صفعها وارتكاب اكبر حماقة في حياته بضړب أنثى للمرة الأولى قصدك ايه ان شاء الله ان الموظفين هنا بينافقوني
لم يعرف يوسف حقا بما يرد عليها جرأتها في الحديث ألجمته طريقتها أعجزته عن الرد فلو في موقف آخر لطرد من يتكلم معه بتلك الطريقة دون أن يتناقش معه فيما فعله من الأساس ولكن هو في حيرة في أمره لما لا يفعل هذا بل في حيرة أكبر لماذا يهتم بمراقبة نبراتها وانفعالاتها عينيها اصرارها كل شىء فيها حتى أصابعها الطويلة الرفيعة وهي تدق على حاسوبها في رتابة وحين لم يصلها رد منه استدارت لتذهب حاول اغاظتها بأي شىء لن ترحل هكذا دون أن تأخذ نصيبها من استفزازه أوقفها في حزم قائلا مين سمحلك تمشي
تصنع يوسف الڠضب وقال فيه إن قبل ماتمشي لازم تستأذني من مديرك ولا ده كمان بتعتبريه نفاق وتملق
صمتت ايلينا هذه المرة ولم ترد فأسعده هذا وهو ينظر اليها تقف كتلميذة معاقبة أمام معلمها وهو يجلس على طرف مائدة الاجتماعات ويعبث بقلم بين اصابعه مستمتعا بنظرات الغيظ فى عينيها وأخيرا أشار بقلمه قائلا تقدري تتفضلي
تنفست ايلينا في عمق شعر به أنها اخذت هواء الغرفة بأكمله في صدرها فلقد منعت نفسها بصعوبة من التقاط حاوية الأقلام أمامه وتلويحها فى وجهه أما هو فأخذ يراقبها وهى تبتعد بخطوات منزعجة سريعة وكأنها تركل الأرض بقدميها عوضا عن توجيه تلك الركلات له هو لم يتمالك نفسه بعد أن خرجت من اطلاق ضحكة عالية عابثة قطعها فجأة وهو يتساءل عما أصابه لماذا سمح لها بتحديه دون أن يطردها كيف هزت تفكيره بهذه الطريقة لا هو فكر فى الاحتفاظ بها فقط ليرد لها الصاع صاعين ويؤدبها على وقاحتها وبالفعل لقد تلذذ بمضايقتها لا يوجد انسان يتلذذ بمضايقة شخص ي ضړب على جبهته فى قوة أين ذهب به تفكيره إنها مجرد أنثى مجرد أنثى يا يوسف والأنثى فى حياته لاتشغل حيزا أكبر من حيز المتعة فقط أمه هى الاستثناء الوحيد وماتبقى من النساء كلهن سواء واعتصر ذهنه بالذكرى البعيدة برودة مشوبة پألم ضړبت اوصاله ألم اشبه بصڤعة افاقة ليثوب الى رشده كان لازما ليبقى حائلا بينه وبينها بل بينه وبين أي انثى
ردد الجميع فى خفوت لا اله الا الله ابتسمت سمر وهي ترفع رأسها تتأمله في حب وهو لم يلحظها كالعادة فعادت تنظر إلى طبقها مجددا في خيبة أمل لحظتها سميرة فتنحنحت وهي تنظر الى محمود تخبره بنظرة ما رأته ليبتسم لها ويخبرها بنظرة أخرى أنه رأى كل شىء فابتسمت وهي تنظر الى الجميع قائلة أخبار الشغل ايه ياولاد
وضعت سميرة كفيها تحت ذقنها وقالت وهي تتظاهر بالبراءة مين ايلينا دي
رد يوسف قائلا في اهتمام واضح وهو يشير بشوكته دي بنت اشتغلت معانا من فترة ذكية جدا وعندها خبرة كبيرة رغم سنها الصغير النهاردة عرضت عليا فكرة عمرها ما جت فى بال حد وأنا واثق انها هتنجح وأكمل يوسف حديثه عنها في حماس وهو يستعرض فكرتها ويشرحها بالتفصيل بينما تتابعه سميرة فى سعادة وتختلس النظرات الى محمود بين الحين والاخر بحوار لا يفهمه غيرهما وحين انتهى يوسف قال محمود في اعجاب والله بنت هايلة الفكرة كويسة وهتخلى منتجاتنا تاخد فرصة أعلى في التسويق
اخذت سميرة تعبث في طبق السلطة الخضراء أمامها وقالت بس أول مرة يا يوسف اشوفك بتتكلم على ست بالحماس ده ونظرت له فى تمعن لتضيف كنت على طول بتشوفهم مينفعوش فى حاجة
ارتبك يوسف وتباطىء في مضغ طعامه وهو يبحث عن رد مناسب حتى ازدرده دون ان يكمل مضغه وهو ېكذب ما رأته أمه عن أي حماس تتحدث قال زين بابتسامة وباعجاب يشوب نبرات صوته هيا تستاهل بصراحة هايلة جدا بنت ممتازة غصت سمر بطعامها فلم يلحظها زين كالمعتاد واحمر وجهها خجلا حين وجدت سميرة تلاحظ ما هي فيه وتشير لها برأسها أن تتناول كوب الماء أمامها فأخذته لتسكبه بأكمله في جوفها في توتر للمرة الأولى تلحظ نبرة اعجاب في صوت زين وهو يتحدث عن فتاة عليها أن تتحرك قبل أن يضيع منها للأبد أما يوسف فلا يعرف لما تضايق من وصف اخيه وأنكر هذا الضيق على نفسه وحاول اخفائه بكل طريقة متظاهرا بتناول طعامه ولكن كاميرتي المراقبة الخاصتين بأمه كانت تسجل كل شىء في دقة وتخزنه في سلاسة وسعادة تملؤها أن ولدها بالفعل اخذ اول خطواته فى الطريق الذى تتمناه فيه وأن هناك من تمكنت من تحريك أي شىء ولو قليل من اهتمامه حاول يوسف تغيير دفة الحوار بأكمله قائلا أومال فين ايتن
ردت سميرة وهي تهز رأسها في ملل بقالها ساعة بتتكلم فى التليفون برة في الجنينة
نهض محمود قائلا أنا هطلع اشوفها وبالمرة أشرب قهوتى في الجنينه
كانت ايتن تتحدث فى الهاتف بصوت منخفض نسبيا وأقرب للهمس حين وجدت حسام يقف أمامها فجأة انتفضت فى هلع وكاد الهاتف يسقط من يديها لولا ان التقطته فى اللحظات الاخيرة رفع حسام كفه وقال في اعتذار أنا آسف خضيتك مكنش قصدى
نظرت له ايتن وهي تزفر في ضيق قائلة عادي بقا ولا يهمك
حك حسام رأسه في خجل معتاد وهو يحاول أن يبحث عن كلمات ليقولها ويفتح ثغره ويغلقه كل لحظة وهو يقول اااا انتي انتي كويسة
تأملته ايتن فى حنق وهي تضغط الهاتف بيدها قائلة اه أنا كويسة وكتفت ذراعيها في انتظار ما يريد قوله حتى زفرت فى نفاذ صبر قائلة حسام انت عاوز حاجة
عدل حسام من وضع نظارته على وجهه كعادته ان توتر وقال هاااا لا ابدا مش عاوز حاجة
ردت بصوت مرتفع ينم عن ڠضبها أومال واقف هنا ليه
تراجع حسام فى احراج قائلا انتي متضايقة اني واقف معاكي
مررت ايتن يدها على وجهها كمحاولة لتهدأ وقالت حسام احنا عايشين فى بيت واحد وبنشوف بعض كل يوم وانت واقف قدامي بقالك ربع ساعة ومش عارفة انت عاوز ايه وانا بصراحة عايز اكمل مكالمتي ممكن
تنحنح حسام فى احباط كلما حاول الاقتراب منها أبعدته في قسۏة نعم أمامها يرتبك أمامها فقط تظهر خبرته الضئيلة في التعامل مع النساء أمامها يفقد صرامته المعتادة التى ټرعب موظفينه أمامها
لا يعرف ماذا يقول بل يفقد النطق تماما ملت مشاعره الثرثرة بداخله وأصابته
بالضجر من طيلة حپسه لها في صدره فهي تريد الانطلاق تريد التحليق الى أبعد مدى في سماء محبوبته العنيدة لو كان بامكانه ان يعطى لتلك المشاعر فرصة مجرد فرصة لتتحدث هى كم يتمنى لو ان آيتن شعرت به و انت بتعمل ايه هنا
انتفض حسام فى فزع على صوت عمه ليفيق من شروده ليجد ايتن قد رحلت وعمه يقف امامه تلعثم حسام فى الرد ونظر حوله في ارتباك كاللص الذي ضبط متلبسا وقال أنا أنا كنت لسة راجع من الشغل
مال اليه عمه وقال في صرامة تعالى ورايا
عدل حسام من نظارته كالعادة ان توتر وتبع عمه الى الداخل وقبل أن يصل محمود الى مكتبه ويغلقه عليهما طلب من أحد الخدم استدعاء يوسف جلس محمود الى مكتبه يتمعن فى حسام للحظات حتى قال في جدية بتحب ايتن مش كدة
اتسعت حدقتا حسام فى صدمة وأخفض رأسه وهو يحكها فى خجل لا يعرف هل يستجوبه عمه أم يوبخه أخذ عمه يطرق المكتب بأنامله فى غيظ قائلا والله البنات حتى ما بقو بكسوفك ده يا اخي ما ترد يا بني
رفع حسام رأسه في بطء وتلاشى نظرات عمه بقدر الامكان وهو يرد في حياء وبصوت هادىء أنا مبتمناش حاجة من ربنا غير ايتن
تراجع عمه فى كرسيه قائلا وايه اللى مسكتك لحد دلوقتي بقا
وقبل أن يرد طرق يوسف الباب فقال ابوه وهو يشير له بكفه تعالى يا يوسف
قلب يوسف شفتيه في حيرة وهو ينظر الى حسام المرتبك بشكل مثير للضحك قبل ان يجلس أمام ابيه قائلا خير يا بابا
نظر محمود الى حسام قائلا بابتسامة ذات مغزى كل خير ان شاء الله حسام طلب ايد ايتن وانا وافقت
عقد يوسف حاجبيه في دهشة بينما اتسعت حدقتي حسام وتدلى فكه فى بلاهة محاولا النطق فتشنجت عضلات لسانه بفعل الصدمة ولم تسعفه بحرف واحد فقال عمه وهو يطالعه في استمتاع واضح ايه مالك تنحت كدة ليه كنت ناوي تفضل العمر كله تحبها في صمت ولا ايه
حاول حسام النطق ففتح ثغره عدة مرات قبل أن يتحرك لسانه أخيرا مطلقا جملته المبعثرة بين الفرحة والخۏف عمي بس ايتن ممكن متوافقش
ضحك عمه قائلا في بساطة غريبة ده مش ممكن ده أكيد
ارتسمت البلاهة على وجه حسام فواصل محمود
في جدية حافظ فيها على ابتسامته بص يا حسام ايتن فى الاول وفى الآخر عيلة وانت رغم انك لخمة بس راجل ويعتمد عليك ومش هلاقي لبنتي احسن منك
تنهد حسام في حزن قائلا أيوة بس مش لدرجة انك تغصبها
قال محمود وهو يلوح بكفيه ومين قال اني هغصبها انا بس هديكو فرصة تعرفو بعض عن قرب