الأحد 24 نوفمبر 2024

الجزء الأول رواية هوس بقلم ياسمين عزيز

انت في الصفحة 5 من 43 صفحات

موقع أيام نيوز

كنا طلبنا بيتزا من برا ا اي 
حاجة ليه تطبخ .
هدى و هو زحنا كل يوم حنقضيها اكل شوارع 
و بعدين انا مش بتعب و لاحاجة....انا طول
النهار قاعدة لوحدي زهقانة و مش بعمل 
حاجة... بفكر فيكي يابنتي و ببقى مړعوپة 
كل ما ييجي الدنيا تظلم و إنت بتبقي برا 
أنا خاېفة عليكي مش كفاية مستقبلك اللي 
ضاع بعد ما سبتي جامعتك... .
خرجت سيلين بعد أن نشفت يديها و هي 
تلوي شفتيها بامتعاض من حديث والدتها 
الذي إعتادت على سماعه كل مساء تقريبا 
جلست على كرسيها و هي تقول مام 
ليه دايما نفس الكلام...حضرتك عاوزانا
نعمل إيه مافيش حل غير إني أسيب جامعة 
و اشوف شغل....أكملت بالالمانية أبي رحل 
و أنت مريضة لاتستطعين متابعة عملك..نحن 
في بلد غريب و لا أحد سيشفق علينا...لم يكن 
أمامي اي حل يجب أن اخرج للعمل حتى أجلب
النقود... من أين سنأتي بثمن الاكل و الدواء 
و فواتير الماء و الكهرباء و غيرها... نحمد الله 
أن المنزل ملكنا و إلا كنا الان مشردون في 
الشوارع.... .
رمقتها هدى بتردد قبل أن تهتف بنبرة منخفضة
خلينا نرجع مصر يا بنتي كفاية مرمطة هنا .
سيلين پغضب أمي...تعلمين رأيي في هذا
الموضوع لن اذهب لتلك البلاد ... أكرهها و أكره 
المصريين جميعا . قالتها بغل و هي تكز على 
أسنانها پغضب عندما تذكرت سيف المصري 
الذي كان سببا في طردها من عملها....
هدى بعتاب ملكيش حق يا سيلين و هو في 
أطيب من المصريين و جدعنة المصريين 
يعني عاحبينكم الألمان.. جامدين و قلوبهم 
حجر... خليني ساكتة أحسن .
سيلين و هي تغرس ملعقتها في صحن الشوربة 
على الاقل هم لديهم وجه واحد...قلوبهم قاسېة 
و لا يعرفون معنى الرحمة او التعاطف و لكنهم 
غير ناكري للجميل....امي دعينا من هذا الموضوع 
لن أعود لمصر ابدا انا ألمانية لقد ولدت هنا 
و ترعرعت هنا و لا اعرف بلدا آخر غير ألمانيا....
هدى بحزن بس يا بنتي الحمل ثقل عليكي 
أوي إنت مش ملزومة إنك تشتغلي و تصرفي 
علينا...إنت مكانك في كليتك مع زمايلك لحد 
إمتى حتقعدي تشتغلي في المطاعم و المحلات 
أنا لو مت حتبقي لوحدك يا بنتي إحنا ملناش 
حد هنا.....
سيلين باستهزاء سنعود لمصر لنجد أروع 
عائلة في العالم تنتظرنا.. ارجوكي امي.
هدى بتحسرأيوا هناك في عيلتي اللي 
هربت منها من عشرين سنة...عشان حبيت
ابوكي و أصريت إني أتجوزه و هربت معاه
على هنا بعد
ما أبويا رفض علاقتنا....ياريت
السنين ترجع بيا لورا مكنتش حعمل اللي 
أنا عملته زمان ...مكنتش حغلط غلطة 
قعدت ادفع ثمنها عمري كله.... رواية بقلمي ياسمين عزيز
سيلين إنت لم تخطئي انت أحببتي والدي 
فقط...عائلتك قاسېة لماذا تركوكي كل هذه 
السنوات لم يحاولي البحث عنك حتى.
هدى أنا كمان من ساعة ما سبت القصر 
محاولتش اتصل بيهم ثاني...الحق عليا انا 
اللي غلطانة...الجواز مش بس حب بين 
إثنين... الجواز مسؤلية قبل كل شي انا 
و ابوكي غلطنا كنا انانيين مفكرناش غير في
نفسنا...مفكرناش في أولادنا لما ييجوا يلاقوا
نفسهم وحيدين في بلد غريبة و اهو اللي 
خفت منه حصل.... .
نفخت سيلين وجنتيها بضيق قبل أن تكمل 
طعامها و هي تستمع لحديث والدتها و هي
تحكي لها على حياتها السابقة في قصر 
والدها عندما كانت صغيرة....
إنتهيا من العشاء لتقوم سيلين بغسل الصحون 
و ترتيب المطبخ قبل أن تدلف غرفتها طلبا 
للراحة بعد تعب يوم طويل....
في القاهرة....
و تحديدا

________________________________________
في قصر صالح عزالدين....
يقف فريد بين زملائه و أصدقائه الذين 
أتوا ليحتفلوا معه بحفل زفافه و الذي
سعى ان يكون بسيطا و ضيقا يقتصر 
على حضور عائلته و بعض أصدقائه 
و طبعا سميحة والدة أروى لم تمانع فالمهم
عندها هو أن يتزوج إبنتها....
اما أروى المسكينة فقد كانت اشبه بجسد
بلا روح وسط أقاربها الفرحين بحفل 
الزفاف الذي ادخل على القصر بعضا من 
البهجة و الفرح...تشعر انه سيغمى عليها من الخۏف في كل دقيقة
تمر و كأنها تساق نحو هلاكها...
تعالت دقات قلبها و
بعد أن شاهدت الۏحش كما تسميه هي 
يتقدم نحوهها بجسده الضخم و هيئته
المرعبة التي جعلت قلبها يهوي داخل اضلعها
فزعا و ړعبا منه...
رفعت يدها بسرعة لتمسح دموعها التي نزلت 
رغما عنها و هي تتخيل الچحيم الذي ينتظرها 
في حياتها القادمة...فهي لطالما سمعت عن 
جبروته و عجرفته و غروره....
جلس بجانبها دون إهتمام بها حتى أنه لم يلتفت 
نحوها...إنشغل بالحديث مع والدته قبل أن يقف 
من جديد و يتجه نحو بعض المدعوين يصافحهم 
و يرحب بهم....
بعد سويعات قليلة كانت أروى تجلس في جناحه 
من ديكورها القاتم الذي يعكس شخصية 
صاحبها خاصة اللون الاسود الذي طغى
على المكان ليعطيه مظهرا كئيبا و مرعبا بالرغم 
من فخامة التجهيزات......تنهدت بصوت عال و هي تتمنى داخلها لو أن كل ما تعيشه هو كابوس لعين و ستصحو منه بعد قليل...
تمنت لو أنها كانت بتلك الجرأة و القدرة 
على الوقوف أمام والدتها ودت لو أنها إستطاعت 
الهرب لكن إلى أين كان يجب أن تجرب 
كل شيئ قبل أن تستستلم.. كان يجب أن تحارب 
أكثر من ذلك أن تظل قوية و ان تبحث عن حل 
آخر...
أخرجها من دوامة أفكارها دخوله المهيب 
بطلته الجذابة ببدلة الزفاف التي زادته 
وسامة و جمالا.... توقف قليلا عن السير 
عندما رآها ثم زفر بحنق قبل أن يكمل 
سيره نحو الحمام ليغير ملابسه...
خرج بعد دقائق يرتدي ملابس بيتيه سوداء 
اللون و ينشف شعره بمنشفة بنفس اللون...
رمى المنشفة بإهمال على أقرب كرسي 
قبل أن يتقدم نحو طاولة الزينة ليأخذ منها 
زجاجة عطره ليرش منه بسخاء على جسده 
أعاد الزجاجة لمكانها ثم إتجه نحو الاريكة 
السوداء ليجلس عليها بارتياح واضعا ساقه
فوق الاخرى...إلتفت نحوها بعينيه الحادتين
يطالع هيئتها بسخرية....
صغيرة و ضئيلة الحجم لا تكاد تصل لاسفل 
صدره لا ينكر جمالها الملفت و خاصة عينيها 
السوداء الشبيهة بأعين الريم...أغمض عينيه 
بتعب ثم ارجع رأسه مستندا إلى ظهر الاريكة 
و هو يطرد تلك الأفكار الغير بريئة التي إجتاحته
فجأة... فليس فريد عز الدين من يفقد السيطرة 
على نفسه بهذه السهولة...
تحدث بصوت غليظ أجش ليقطع صمت الغرفة 
عندما ناداها تعالي...
و هي تتمسك بفستانها الكبير و كأنه سيحميها 
من هذا الۏحش الجالس أمامها... تقدمت نحوهه
بخطوات بطيئة مترددة و هي تتحاشى النظر 
نحوه رغم تأهب حواسها لأي حركة تصدر منه....
أقعدي خلينا
نتفاهم . نطق مرة أخرى 
له بعد أن كادت تقع أرضا من شدة توترها....
فرك فريد ذقنه الحاد قليلا قبل أن يهتف من 
جديد قلتيلي إسمك إيه
شهقت أروى بداخلها و شعرت بغصة تجتاح 
حلقها جعلتها تعجز عن التحدث و هي تستمع لما يقوله...تزوجها و هو لا يعرف حتى إسمها ألهذه الدرجة هي بلا قيمة...ليت والدتها كانت موجودة 
حتى تسمع وترى نتيجة أفعالها....
أردف من جديد بنبرة لا مبالية متجاهلا صډمتها 
التي ظهرت جليا على وجهها إفتكرت..إسمك 
أروى المهم...
إسمعيني كويس عشان في حاجات مهمة لازم تعرفيها عني و تعليمات لازم تلتزمي بيها عشان الحياة تستمر بيننا أنا إنسان عصبي جدا و بكره 
إني اقول حاجة و متتنفذش...إنت طبعا عارفة 
أنا تجوزتك ليه ...إنت هنا عشان تهتمي بلجين
بنتي... للأسف مامتها توفت و سابتها فهي 
محتاجة ام بديلة تهتم بيها و تراعيها...عاوزك
معاها أربعة و عشرين ساعة ...هدومك و حاجتك كلها في أوضة لوجي....و مش عاوز اشوفك مرة ثانية هوبتي ناحية أوضتي...
و مفيش خروج من القصر لا تقوليلي ماما و لا أختي 
و لا صاحبتي...أي حاجة تحتاجيها تقوليلي و انا حوفرهالك...اتمني إن كلامي واضح عشان 
مش عاوز أعيده ثاني و دلوقتي تفضلي....
أنهى كلامه و هز يشير نحو باب الجناح يأمرها بالخروج بكل وقاحة لتقف أروى من مكانها حاملة فستانها الثقيل و تسير نحو الخارج و هي تتنفس 
الصعداء... 
رغم شعور الإهانة القاټل الذي شعرت
به و هو يعاملها و كأنها خادمة بل هي بالفعل 
خادمة لابنته ألم يخبرنا ان سبب زواجه منها
هو الاعتناء بالطفلة...لكن ما أشعرها الارتياح
هو بقائها بعيدا عنه و هذا ماحمدت الله 
كثيرا من أجله.. 
ستتجاهله أجل سوف تحاول بكل الطرق الإبتعاد 
عنه و عدم الاحتكاك به و عدم رؤيته من جديد 
لقد كان ان يغمى عليها منذ قليل و هو 
يحدثها بهدوء فماذا سيكون حالها لو وقفت 
أمامه و هو غاضب....
فتحت الباب المقابل للجناح و دلفت للداخل 
لتبتسم رغما منها من مظهر الغرفة الزاهية
بالوانها البيضاء و الزهرية التي بعثت بعض 
البهجة و السعادة بداخلها ....
تقدمت للداخل لتجد فتاة صغيرة جميلة
للغاية تنام بهدوء على الفراش...إبتسمت 
بتلقائية و هي تمرر أصابعها على وجنتها 
الحمراء المكتنزة التي جعلت أروى تود
تقبيلها لكنها تمالكت نفسها لتتجه نحو 
الخزانة حتى تغير هذا الفستان الثقيل 
الذي تحملت إرتدائه عدة ساعات...
جذبت الغطاء بعد أن تمددت بجانب 
الصغيرة لتغلق عينيها بتعب و هي تزيح 
من عقلها جميع الأفكار التي تزاحمت فجأة 
لتؤرق نومها متمتمة بداخلها أحسن الحمد لله 
إنها جات على كده يارب يفضل زي ماهو 
و خليه بعيد عني دايما ...
في الولايات المتحدة الأمريكية..
رفع رأسه من على كتلة الأوراق التي تفترش مكتبه بإهمال... مدلكا صدغيه بتعب منذ يومين و هو على هذه الحال لم يذق طعم النوم او الراحة يريد إكمال آخر جزء من هذه الصفقة حتى يعود للوطن... فقد 
حان وقت الاڼتقام...
فتح درج مكتبه ليخرج ظرفا كبيرا يضم صورها
جميلة جدا بل فاتنة حد الجنون كما تركها... 
ضحكتها الخلابة التي سلبت عقله منذ النظرة 
الأولى لازالت كما هي لم تتغير....
قبض على الصور بقوة و عيناه تزداد قتامة 
من شدة الڠضب...كلما تذكر ما فعلته به في 
الماضي.. كيف خدعته بكل سهولة و مزقت 
قلبه لاشلاء غير مبالية بمشاعره التي سحقتها
تحت قدميها بكل قسۏة و أنانية...
نسيته بكل سهولة و أكملت حياتها و كأن شيئا
لم يكن و كأنه لم يكن موجودا في حياتها...بينما
هو لا زال يعيش على ذكراها...لم تغب عن تفكيره 
لحظة واحدة....مايزال يتذكر ذلك اليوم المشؤوم
الذي إكتشف فيه خداعها له تحت مسمى الحب....
تنهد بصوت مسموع و هو يتفحص تلك الأوراق 
من جديد... سامح منصور إبن رجل الأعمال 
عبدالله منصور...رجل آخر يتقدم لخطبتها ليقوم 
هو بابعاده
كما تعود منذ سنتين...
ضحك بسخرية و هو يحاول ان يتذكر كم عدد
الرجال الذين أجبرهم على الإبتعاد عنها بمساعدة
فريد شقيقه وسيف إبن عمه رغم معارضتهما
لافعاله إلا أنهما في الاخر يرضخان لطلبه.....
لكن الآن إنتهى كل شيئ... سيعود من جديد
لأجلها... لأجل كرامته و رجولته.. لأجل قلبه
الذي فقده منذ خمس سنوات على يد طفلة
لم تتجاوز التاسعة عشر من عمرها....سيعود
حتى يأخذ بثأره منها كما وعدها

انت في الصفحة 5 من 43 صفحات