رواية في قبضة الاقدار (كاملة حتي الفصل الاخير) بقلم نورهان العشري
و خرجت بهدوء حتي لا تستيقظ شقيقتها مندفعه إلي الخارج لتصطدم بالبرد القارس الذي لفح صفحه وجهها فوضعت يدها في جيوب معطفها و سارت تفكر في معضلتها التي سلبت النوم من عيناها !
علي الجهه الآخري كان سالم الذي وصل للتو لشركته لينهي بعضا من الأعمال المتراكمة حتي يسثني له الذهاب إلي مسقط رأسه مدينه الاسماعيليه ليتحدث مع والدته و من
عندما كان منهمكا في عمله أتاه اتصال من ذلك الرجل
الذي كلفه بمراقبه الفتاتين فأجابه علي الفور ليقول الراجل بإحترام
سالم بيه في حاجه غريبه حصلت و قولت أعرفها لحضرتك
سالم بترقب
حصل إيه
الرجل بعدم
فهم
في بنت خرجت من الشقه إلي حضرتك مكلفنا نراقبتها يعني مختلفه عن البنتين إلي عايشين فيها .
يعني إيه مختلفه
الرجل بحرج
يعني حلوة ! شعرها فانح و طويل . و لبسها مختلف . مش البنت الصغيرة و لا البنت الكبيرة معرفش دي مين أو جت أمتا إحنا والله مراقبينهم كويس أوي و محدش جالهم خالص عشان كدا محتار !
صمت لبرهه قبل أن يقول بفظاظه
دي فزورة و المفروض أحلها يعني ! مانتوا لو واخدين بالكوا من شغلكوا كنتوا عرفتوا دي مين و راحتلهم امتا
والله لله يا سالم بيه عنينا ما غفلت لحظه . بس ..
قاطعه سالم بفظاظه
تعرف تصورهالي
أجابه بلهفه
آه طبعا أعرف .
سالم آمرا
من غير ما تاخد بالها
أغلق سالم الهاتف و ظل ينتظر الصورة و هو يفكر في هوية تلك الفتاة الغريبه التي يصفها الحارس و ماهي إلا دقيقه وصلته رساله علي هاتفه فسارع بفتحها و للحظه تسمرت ملامحه علي تلك التي كانت مغمضه عيناها و شعرها يتطاير خلفها پجنون بفعل الرياح فبدت كشمس حارقه متوهجه تتناقض مع برودة الطقس التي تحيط بشخصيتها الآخري ! نعم كانت هي تلك التي تتخذ من الجليد ستارا تخفي بها ملامحها صاعقه الجمال و شعرها الغجري الذي كانت تقمعه خلف تلك التسريحه البشعه دافنه جماله و روعته . هل تلك المرأة مجنونه أم ماذا فجميع النساء لديهم غريزة إظهار جمالهن و الحفاظ عليه بينما هي تقمعه بقسۏة خلف تلك النظارات الطبيه البشعه و ذلك المظهر الذي يجعلها كعجوز شمطاء و لا يليق بسنوات عمرها التي لم تتجاوز الثمان و العشرون عاما !
أخرجه من تأملاته صوت رساله آخري ففتحها و لكن تلك المرة كانت صډمته أكبر حين كانت الصورة قريبه إلى حد ما و قد كانت تفتح عيناها الزيتونيه الرائعه التي أكملت صورة المرأة الفاتنه الذي يكاد يقسم بأنها أضاعت عقلها
كانت عيناها برغم جمالها إلا أنها ضائعه و كأنها طفله صغيرة ضلت طريق بيتها و لا تعلم كيف تعود !
تري هل كان غير منصف معها في وضعها تحت هذا الضغط و إجبارها بتلك الصورة علي القبول و العيش مع شقيقتها تحت سقف عائلته
لا يعلم لما شعر بالإنتشاء لتلك الفكرة هناك برعم صغير نبت بداخل قلبه يشعره بالشفقه علي تلك التي تدعي القوة بينما في تلك الصورة يكاد يقسم بأنها جل ما تتمناه أن تريح رأسها علي صدر أحدهم !
عند تلك الفكرة نهر نفسه وبشدة فهي ليست نوعه المفضل من النساء كما أنه لا يحب المرأة التي تناطح الرجال و يفضل إن فكر بدخول إحداهن إلي حياته أن تكون هادئه مطيعه تكن مصدر راحه له من عناء رحلته الشاقه لا أن تكن عقبه أمامه و يخوض معها الحروب التي لا تنتهي !
و هنا خطړ علي بالها سؤال لا يعلم مصدره و لكنه توقف أمامه لثوان يفكر بالإجابة
هل سيثير خضوع إحداهن شغفه مثلما يفعل عنادها
لا يعلم الإجابه أو يفضل تجاهلها فقط تذكر كلمتها التي قالتها بمنتهي الڠضب
أنت طلعتلي منين
توهج ملامحها في تلك اللحظه جعله يقسم بأنها النقيض تماما من تلك الصورة الهادئه الجامدة لهيئتها التي تحاول الظهور بها دائما و قد أتي مظهرها اليوم ليجعله يتأكد من صدق حدثه !
فجأة رن هاتفه و لدهشته وجدها هي من تتصل فإرتسمت إبتسامه علي شفتيه لا يعلم سببها و لم يفكر كثيرا في ذلك بل أجاب بلهجه متناقضه تماما مع ما يعتريه في تلك اللحظه
الو
جاءه صوتها مشټعلا يتناسب تماما مع هيئتها في هذه الصور
إحنا لازم نتكلم !
يبدو أن الحظ في صفه اليوم فقد كان يتوق لرؤيتها بهيئتها الجديدة تلك و يحادثها و هو أمام عيناها مباشرة بعيدا عن تلك القضبان الزجاجيه التي تهدر نصف
جمالها
جاء صوته جافا كما العادة حين قال آمرا
مستنيكي في الشركه بعد ربع ساعه بالظبط
جاء صوتها مستنكرا
ربع ساعه ! دا إلي هو إزاي أنا علي ما أجهز و آجي فيها نص ساعه علي الاقل
لاحت شبح
إبتسامه تسليه علي شفتيه تناقضت مع نبرته حين قال بفظاظه
لو حسبنا الوقت من عندك للشركه هتلاقيه في حدود عشر دقايق بالعربيه ! و خمس دقايق
تجهزي فيهم أعتقد كدا كفايه أوي و لا أنتي من البنات إلي بتاخد وقت قدام المرايا !
قال الأخيرة ساخرا و نبرته كان بها بعض التحدي فزفرت بحنق و هي تتوجه إلي سيارتها قائله پغضب لم يخطئ في تمييزه بين كلماتها
كفايه أوي ! عشر دقايق و هكون عندك
هكذا حسمت قرارها و قد أيقنت بأن الوقت الذي يمنحها إياه لن يكون كافيا إذا ذهبت إلي البيت لتستعد لذا قررت بأن تذهب كما هي فلم يكن مظهرها يشغلها كثيرا في تلك للحظه فإستيائها من وضعها هذا كان هو المهيمن علي تفكيرها ..
كان يقف أمام النافذه العريضه في غرفه مكتبه و يداه معقوده خلف ظهره و علي شفتيه إبتسامه لا يعرف مصدرها و لكنه كان يتأهب داخليا لمعركه داميه و قتالا عڼيفا بنكهه لذيذة مع صاحبه الشعر الغجري التي أنطبعت صورته في مخيلته و العينان الزيتونيه التي لأول مرة ستكون أمامه بلا حصون .
أعلنت مديرة مكتبه عن وصول ضيفته المنتظرة فأمرها بإدخالها قبل أن يأخذ مكانه علي مقعده خلف المكتب الخشبي الكبير ينتظر قدومها بترقب و حماس جديد كليا عليه لتطل عليه أخيرا بمظهرها الجديد و الذي خطڤ أنفاسه للحظه و قد كانت عيناه ترصد تفاصيلها بنظرات غامضه تحوي إعجابا كبيرا بين طياتها نجح في إخفاؤه و قال بلهجة خشنه مستفسرة متعمدا إحراجها
آنسه فرح عمران !
علي الفور تذكرت سؤاله المتعجب في المرة الأولي حين أتت إلي مكتبه فارتبكت قليلا و خاصة حين تواجهت مع نظراته و قد شعرت بأنها مجردة أمامه من دفاعاتها و أسلحتها و شعرت بالحاجه لوقارها الذي يمدها بقوة تحتاجها كثيرا في مواجهته فعادت إلي سبه داخلها بكل الألفاظ التي تعرفها فهو لم يمهلها الوقت حتي تستعد لتلك المواجهه وقد بدا حنقها علي ملامحها و لكنها حاولت أن تخرج لهجتها هادئه حين قالت
دا سؤال و لا إجابه
سالم بتسليه
اللتنين !
بمعني
سالم بهدوء
سؤال إجابته جواه
فرح بسخريه
يبقي إيه لازمته
تعمقت نظراته أكثر و أشتد تحديقه بها وكأنه يخبرها بدون حديث بأن مظهرها الجديد هو السبب و قد جعلها ذلك غير مرتاحه و ودت لو أنها لم تأت لمقابلته و قد كان هذا الإحساس الدائم بداخلها بكل مرة تجتمع معه فتود لو أنها لم تقابله أبدا .
فاجأها حديثه حين قال بجديه
خير
رفعت إحدي حاجبيها بدهشه لتأتيها إجابته بلهجه ساخرة
إيه السبب القوي إلي مخليكي عايزة تقابليني مع العلم أننا لسه كنا مع بعض من حوالي كام ساعه !
إغتاظت من وقاحته و جعلتها تستعيد قوتها التي تجلت في نبرتها حين قالت
أولا أنا أتحفظ علي كلمه كنا مع بعض من حوالي كام ساعه دي !
سالم بإختصار
ليه
فرح بإيجاز
معجبتنيش !
ثم تابعت بنبرة محشوه بالڠضب
ثانيا بقي ممكن أعرف إزاي تحطني في الموقف دا
سالم ببراءه أغاظتها
موقف إيه
أخذت نفسا طويلا لتهدئ من روعها قليلا قبل أن تقول بهدوء ظاهري
أنت عارف كويس بتكلم عن إيه! و مع ذلك حاضر هقولك . إيه خلاك تقول لجنه إني وافقت آجي معاها عندكوا
سالم متصنعا الدهشه
أنا مقولتش كدا . أنتي إلي قولتي
جن چنونها في تلك اللحظه و لكنها بأعجوبه حاولت البقاء هادئه فأجابته
أنا إضطريت إني أقولها موافقه بناءا علي كلامك . أظن أنت فاكر قولت إيه كويس !
حاول التحكم في ضحكه كادت أن تظهر علي شفتيه فمظهرها و هي تحاول التحكم بڠضبها كان مثيرا للغايه . و لكنه تابع بجديه
فاكر كلامي كويس . و فاكر كمان إني لما طلبت منك دا مرفضتيش ! ففكرتك معندكيش مانع و مع ذلك طلبت من جنه تسألك و أنتي قولتي موافقه فين المشكله
ستفقد عقلها مم إستفزاز ذلك الرجل فها هو يتحدث ببراءه كأنه لم يقحمها فعليا في هذا الأمر مستخدما طرقه الملتويه التي جعلت الڠضب يتقد في عيناها و لكنها قالت ساخرة
آه صح فين المشكله . الموضوع بسيط جدا . أنت محطتنيش في موقف صعب قدامها بعد ما عشمتها إني وافقت . تفتكر أنا كان ممكن أقول إيه و هي عامله زي الغريق إلي كأنه ما صدق لقي قشايه أتعلق بيها !
كان ڠضبها لذيذا بحق و خاصة و قد تجلت إنفعالاتها بوضوح في عيناها التي أضفي عليها الڠضب نوعا
آخر من الجاذبيه المتوهجة و قد أصابته لعنه الأشتهاء للمزيد من ذلك التوهج المثير لذا تابع بلهجه جادة
طب فين المشكله بردو ! أنتي وافقتي لما لقيتي لهفتها و إنك القشايه إلي هتنقذها من الڠرق أنا ذنبي إيه !
كانت تود الصړاخ في وجهه قائله أنت من دفعتها لهذا الاعتقاد الذي ولد بداخلها كل هذا العشم و
التعلق و لكنها أكتفت قائله من بين أسنانها
ذنبك أن حضرتك طلعت بالفكرة المجنونه دي و زرعت جواها الأمل أنها هتتحقق !
زفر سالم